تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞فَـَٔامَنَ لَهُۥ لُوطٞۘ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّيٓۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (26)

الآية 26 وقوله تعالى : { فآمن له لوط } يحتمل وجهين :

أحدهما : قوله : { فآمن له لوط } أي أظهر له لوط الإيمان من بين غيره( {[15711]} ) .

والثاني : { فآمن له لوط } في ما دعاه إليه ، وهو الهجرة ، أي في ما أخبره أنه أمر بالهجرة ، فاستصحبه فيها .

وقوله تعالى : { وقال إني مهاجر إلى ربي } قال أهل التأويل : هذا قول إبراهيم كقوله : { إني ذاهب إلى ربي } [ الصافات : 99 ] وجائز أن يكون قوله : { إني مهاجر إلى ربي } قول لوط .

ثم لم يفهم من قوله : { إني مهاجر إلى ربي } وقوله : { إني ذاهب إلى ربي } انتقاله [ إليه أو لمكان ] ( {[15712]} ) أو شيء مما يوجب التشبيه ، مما يفهم من الخلق . فكيف فهم من قوله : { هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل } [ البقرة : 210 ] وقوله : { وجاء ربك } [ الفجر : 22 ] وقوله( {[15713]} ) : { استوى } [ البقرة : 29 و . . . ] وأمثاله مما يفهم من مجيء الخلق وإتيانهم واستوائهم ، إذ لا فرق بين مجيء أحد( {[15714]} ) إليه وبين مجيئه إلى آخر ، وهذا في الشاهد سواء ، فكيف في الغائب في أحدهما ما لم يفهم من الآخر ، وهما سيّان في الشاهد ؟ .

فدل أنه لا يجوز أن يفهم منه في شيء ما يفهم من الخلق ؛ إذ( {[15715]} ) أخبر أنه { ليس كمثله شيء } [ الشورى : 11 ] .


[15711]:في الأصل وم: غيرهم.
[15712]:من نسخة الحرم المكي، في الأصل وم: المكان.
[15713]:في الأصل وم: و.
[15714]:في الأصل وم: أخر.
[15715]:من م، في الأصل: إن.