تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَوَهَبۡنَا لَهُۥٓ إِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَجَعَلۡنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلۡكِتَٰبَ وَءَاتَيۡنَٰهُ أَجۡرَهُۥ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَإِنَّهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (27)

الآية 27 وقوله تعالى : { ووهبنا له إسحاق ويعقوب } يعني لإبراهيم [ ذكر أنه وهب له ]( {[15716]} ) إسحاق ويعقوب ليعلم أن الولد هبة الله ، وكذلك ولد الولد لأن يعقوب كان ولد ولده حين( {[15717]} ) قال : { فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب } [ هود : 71 ] [ وكل الولد ] ( {[15718]} ) هبة الله تعالى [ ذكورا كانوا أو إناثا كما ]( {[15719]} ) قال : { يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور } [ الشورى : 49 ] .

وقوله تعالى : { وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب } لم تزل النبوة في ذرية إبراهيم من لدنه على هذا الوقت : كان جميع أنبياء بني إسرائيل من ولد إسحاق ، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان من ولد إسماعيل عليه السلام .

وقوله تعالى : { وآتيناه أجره في الدنيا } اختلف في الأجر الذي أخبر أنه آتاه إبراهيم في الدنيا :

قال بعضهم : هو ما وهب له من الولد في الكبر . وقال بعضهم : هو ما سخر له الألسن بأجمعها على الثناء الحسن حين( {[15720]} ) نسب جميع أهل الأديان على اختلاف أديانهم ومذاهبهم [ إليه ، وجعلهم ]( {[15721]} ) على دينه وسنته وسيرته ، وتولى كل به .

وجائز أن يكون قوله { وأتيناه أجره في الدنيا } ما أخبر أنه آتى جميع المؤمنين ، وأعطاهم ، وهو ما قال : { للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة } [ النحل : 30 ] وما ذكر من ثواب . فما من مؤمن إلا وقد آتاه الله في الدنيا أجرا وثوابا . فذلك الذي آتى إبراهيم . أو لا نفسر ما ذلك الأجر الذي آتاه الله . والله أعلم .

وقوله تعالى : { وإنه في الآخرة لمن الصالحين } هذا يخرج على الوجهين :

أحدهما : أنه [ لو ] ( {[15722]} ) لم يكرمه الله بالنبوة والرسالة لكان هو أيضا من الصالحين .

والثاني : ذكر الصلاح له لحقيقة صلاحه( {[15723]} ) ، أي يكون هو ممن حقق الصلاح . وكذلك ما ذكر في موسى وهارون حين( {[15724]} ) قال : { إنهما من عبادنا المؤمنين } [ الصافات : 122 ] أي من عبادنا الذين حققوا الإيمان ، وغيرهم من المؤمنين لم يحققوا ، أو يكون ما ذكرنا ، أي لو لم يكن الإكرام الذي أكرمه ، وهو النبوة ، لكان من المؤمنين أيضا .

وإلا ليس في ذكر الإيمان والصلاح لهم كبير منقبة وفضيلة عند الناس أن يسمى بهذين كل مؤمن ومصلح ، والله أعلم .

وعن ابن عباس رضي الله عنه [ أنه قال في قوله : { وآتيناه أجره في الدنيا } ما جوزي به ] ( {[15725]} ) في الآخرة .

وقتادة يقول : آتاه الله عافية وعملا حسنا . وقال : فلست تلقى أحدا من أهل الملل إلا يرضى بإبراهيم ، والله أعلم بذلك .

وقال بعضهم : ما ذكرنا أنه أعطى الولد الطيب في كبر سنة .


[15716]:من م، ساقطة من الأصل.
[15717]:في الأصل وم: حيث.
[15718]:من نسخة الحرم المكي، في الأصل وم: وكلهم.
[15719]:من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل وم.
[15720]:في الأصل وم: حيث.
[15721]:في الأصل وم: إنهم.
[15722]:ساقطة من الأصل.
[15723]:في الأصل وم: لصلاحها.
[15724]:في الأصل وم: حيث.
[15725]:في الأصل وم: في قوله: {وآتيناه أجره في الدنيا} قال عمله ما جزى.