تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{هُدٗى وَذِكۡرَىٰ لِأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (54)

الآية 54 وقوله تعالى : { وأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ } { هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ } ويحتمل قوله { الكتاب } التوراة خاصة ، ويحتمل التوراة وسائر الكتب التي كانت فيهم إن ذُكر الكتاب بالألف واللام ، ويحتمل الجنس والعهد ، فيجوز الصرف إلى التوراة لمكان العهد ، ويجوز الصّرف إلى الجميع لمكان الجنس ، والله أعلم .

وفي الآية دلالة أن لا جميع كتب الله التي أُنزلت فيهم غُيّرت ، وبُدّلت ، بل فيها{[18310]} ما لم يغيّر{[18311]} ، ولم يبدّل حين{[18312]} قال : { وأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ } { هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ } .

ثم قوله تعالى : { هدى } هو ما ذكرنا أن جميع كتب الله تعالى هدى من الضلالة إلى الرشد وبيان{[18313]} لما لله عليهم وما لبعض على بعض .

وقوله تعالى : { وذكرى } قال بعضهم : موعظة ، وقال بعضهم : تفكّروا لأهل اللّب والعقل .

وجائز { وذكرى } أي ما ذكر ما سبق ، أي يذكّرهم ما نسوا .

وقوله تعالى : { لأولي الألباب } لأن أهل اللّب ، هم الذين يتفكرون ، ويتأمّلون فيه ، أو أن أهل اللّب ، هم المنتفعون بالذكرى . وما ذُكّروا ، والله أعلم .


[18310]:في الأصل وم: فيهم.
[18311]:في الأصل وم: لغيروا.
[18312]:في الأصل وم: حيث.
[18313]:في الأصل وم: وبيانا.