الآية 55 وقوله تعالى : { فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } يحتمل قوله : { فاصبر } وجوها .
أحدها : [ اصبر على ]{[18314]} التكذيب ؛ كان يتأذّى بتكذيبهم /479– ب/ إياه .
والثاني : [ اصبر على الاستهزاء ]{[18315]} كان يتأذّى باستهزائهم به .
والثالث : [ اصبر على ]{[18316]} أنواع ما يكيدون : من همّهم بقتله وضره وغير ذلك .
والرابع{[18317]} : يحتمل قوله تعالى : { فاصبر } أي اصبر على تبليغ الرسالة إليهم ، ولا يُضجرنّك تكذيبهم إياك ، ولا يمنعك ذلك عن تبليغها ، والله أعلم .
والخامس{[18318]} : اصبر ، ولا تستعجل لهم العذاب قبل ميقاته ؛ وذلك أن الرسل عليهم السلام كانوا لا يستعجلون العذاب ما لم يُؤذن لهم بذلك ، والله أعلم .
ثم قوله تعالى : { فاصبر إن وعد الله حق } إن كان المراد من وعده نفس الوعد فيكون تأويله : أن وعد الله صدق أي لا يُخلف ، ولا يكون كذبا ، لأن خلف الوعد في الشاهد إنما يكون لأحد معنيين : إما لعجزه عن القيام بوفائه ، وإما لضرر يخاف أن يلحقه لو قام بوفاء ما وعد ، والله تعالى بريء من المعنيين جميعا ، مُتعال عن ذَينِك .
وإن كان المراد من قوله تعالى : { إن وعد الله حق } أي موعود الله ، فيكون تأويله إن موعود الله تعالى لكائن حقا . فوعد الله على الوجهين اللذين ذكرناهما . وعلى هذا يذكر أمر الله تعالى ، ويراد به نفس الأمر كقوله تعالى : { لله الأمر من قبل ومن بعد } [ الروم : 4 ] ويذكر ، ويراد به المفعول كقوله تعالى : { وكان أمر الله مفعولا } [ الأحزاب : 37 ] أي ما يكون بأمره مفعولا ، ويكون موعود الله مفعولا ، والله أعلم . وكان{[18319]} ذكر الصلاة أمر الله [ أي بأمر الله ]{[18320]} .
ثم لسنا ندري ما كان من وعده لرسول حتى أخبر أنه كائن . فجائز أن يكون ما قال بعض أهل التأويل : إنه وعد له أن يعذّب كفار مكة يوم بدر بالقتل وغير ذلك ، فكذّبوه ، وقالوا مستهزئين به : { متى الوعد إن كنتم صادقين } [ يونس : 48 و . . . . ] فقال{[18321]} : { فاصبر إن وعد الله حق } ويحتمل غيره .
وقوله تعالى : { وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ } جائز أن يكون ما ذكر في قوله : { ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر } [ الفتح : 2 ] باستغفاره إياه .
وجائز أن يكون قوله : { ليغفر لك الله } ما يغفر له من أمته بشفاعته كما ذكر في الخبر : ( يغفر للمؤذّن مدّ صوته ) [ أحمد 2/136 ] أي يجعل له الشفاعة إلى حيث يبلُغ صوته .
وقوله تعالى : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ } قد ذكرنا التسبيح بحمد ربه . ثم جائز أن يريد بالتسبيح نفس التسبيح . فإن كان كذلك فيكون ذكر العشيّ والإبكار ليس هو ذكر التوقيت له ، ولكن ذكر الأوقات كلها : الليل والنهار كقوله تعالى : { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ } [ الكهف : 28 ] ليس يريد نفس الغداة والعشيّ خاصة دون غيرها من الأوقات ، بل [ هما ]{[18322]} عبارة عن جميع الأوقات ؛ كأنه يقول : { واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم } آناء الليل والنهار .
فعلى ذلك الأول يحتمل هذا ، والله أعلم .
وإن كان المراد من التسبيح ههنا الصلاة فكأنه يقول : فصل بحمد ربك بالعشيّ والإبكار كناية عن صلاة النهار ، أو يكون الإبكار كناية عن صلاة الغداة ، والعشيّ عن صلاة العشاء على ما ذكر بعض الناس ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.