تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَا يَسۡتَوِي ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِيرُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَلَا ٱلۡمُسِيٓءُۚ قَلِيلٗا مَّا تَتَذَكَّرُونَ} (58)

الآية58 : وقوله تعالى : { وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ } قال بعضهم : لا يستوي من عمي عن توحيد الله وشكر نعمه ومن عرف حقه ، وقبل أحسانه ، وقام بشكره .

فإذا عرفتم أنه لا استواء بين هذين عندكم ، فاعرفوا أنه لا يستوي من عَمِي عن وحدانية الله وشكر نعمه ومن{[18333]} أبصر وحدانيته ، وقام بشكره .

وكذرك ما ذكر من قوله : { وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ } يقول : إذا عرفتم أنه لا يستوي من آمن ، وصدّق آخر ، وأحسن إليه ، ومن كذّبه ، وأساء إليه . فعلى ذلك لا يستوي من آمن بالله وصدّقه ، وقابل إحسانه بالشكر ، ومن كذّبه ، وأساء إليه . فعلى ذلك لا يستوي من آمن بالله وصدّقه ، وقابل إحسانه بالشكر ، ومن كذّبه ، وكفر نِعمه وإحسانه .

وقال بعضهم : أراد بقوله تعالى : { وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ } حقيقة : أعمى البصر والبصير نفسه ؛ يقول : تعرفون أنه لا يستوي الأعمى أعمى البصر والبصير نفسه في الدنيا . فعلى ذلك لا يستوي من عمي عن دينه ومن{[18334]} أبصر في الآخرة . وقد عرفتم أنهم قد استووا في هذه الدنيا ؛ أعني المُسيء والمُحسِن ، والصالح والمُفسد ، والمطيع والعاصي . وفي الحكمة التفريق بينهما .

دل أن هناك دارا [ أخرى ]{[18335]} يُفرَّق بينهما فيها ، والله أعلم .


[18333]:الواو ساقطة من الأصل وم.
[18334]:الواو ساقطة من الأصل وم.
[18335]:من م، ساقطة من الأصل.