تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لَخَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَكۡبَرُ مِنۡ خَلۡقِ ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (57)

الآية 57 وقوله تعالى : { لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ } قال أهل التأويل : لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الدّجال . لكن قد ذكرنا بعد صرف الآية إلى الدّجال .

ثم يحتمل قوله : { لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ } وجهين :

أحدهما : الآية نزلت في المُقرّين{[18326]} بخلق السماوات والأرض [ المنكرين البعث ]{[18327]} ؛ ويقول : إن خلق السماوات والأرض مبتدأ بلا احتذاء بغير أكبر وأعظم من إعادة [ خلق ]{[18328]} الناس . فإذا عرفتم أنه قدر على خلق السماوات والأرض مبتدئا بلا احتذاء بغيرٍ كانت{[18329]} قدرته على إعادة الخلق أهون{[18330]} ؛ إذ إعادة الشيء في عقولكم أهون من البداية كقوله : { هو أهون عليه } [ الروم : 27 ] فكيف أنكرتم قدرته على البعث ؟ وقد أقررتم بقدرته على خلق ما ذكر .

والثاني : أن تكون الآية نزلت [ في المقرّين ]{[18331]} بخلق الناس [ المنكرين خلق ]{[18332]} السماوات والأرض ؛ يقول : إن خلق السماوات والأرض وإمساكها في الهواء بلا تعليق من الأعلى ولا عماد من الأسفل مع غلظها وكثافتها أكبر وأعظم في الدلالة على حدثها وخلقها من خلق الناس ، لأن خلق /480-أ/ الناس إنما يكون بالتغيُّر والتولّد من حال إلى الحال الأخرى . فيجوز أن يُتوهَّم كون ذلك وافتراقه ثم اجتماعه من بعد وظهور ذلك منه .

وأما السماء فهي حالة واحدة ، فلا يمكن توهّم ذلك لما ذكرنا .

ويحتمل أن تكون الآية في نازلة كانت وسبب ، لسنا نحن نعرف ذلك ، والله أعلم .


[18326]:في الأصل وم: مقرين.
[18327]:في الأصل وم: منكرين بالبعث.
[18328]:ساقطة من الأصل وم.
[18329]:في الأصل: لكان في م: أكان.
[18330]:في الأصل وم: أحق.
[18331]:في الأصل: مقرين، في م: في مقرين.
[18332]:في الأصل وم: منكرين بخلق.