تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَقَدِ ٱخۡتَرۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ عِلۡمٍ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ} (32)

الآية 32 وقوله تعالى : { ولقد اخترناهم على علم على العالمين } أي /504-أ/ اخترنا بني إسرائيل .

وقوله عز وجل : { على علم } يخرّج هذا على وجوه :

أحدها : أي اخترناهم على علم أي بسبب علم ، آتيناهم ذلك ، لم نُؤت ذلك غيرهم ليُظهر فضيلة العلم على العالمين وشرفه ، والله أعلم .

والثاني : يحتمل : { اخترناهم على علم } منا بأسباب فيهم وأشياء ، لم تُعلم تلك الأسباب والمعاني في غيرهم ، بها استوجبوا الاختيار على العالمين .

والثالث : أي اخترناهم على علم ، أي بسبب علم أخرجنا غيرهم إليه ، فصاروا مختارين مفضّلين بسبب تعليمهم إياهم ما احتاجوا إليه ، أي فيكون لهم فضل الأستاذ على التلميذ .

وهذا كما يقال{[19117]} : إن العرب أفضل من الموالي لأن الموالي احتاجوا إلى العرب في معرفة لسانهم ومعرفة أشياء احتاجوا إليها ، فاستوجبوا الفضيلة لحاجتهم إليهم ، وكذلك{[19118]} فضل قريش على سائر العرب لما احتاجت سائر العرب إلى قريش في معرفة أشياء ، لا يصلون إلى ذلك إلا أنهم فُضّلوا على غيرهم بذلك{[19119]} .

فعلى ذلك يحتمل أنه أحوج إلى بني إسرائيل غيرهم في معرفة أشياء ، فاستوجبوا بذلك الاختيار والفضيلة على غيرهم ، والله أعلم .


[19117]:في الأصل وم: يقول.
[19118]:في الأصل وم: ولذلك.
[19119]:في الأصل وم: لذلك.