النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{يَعۡرِفُونَ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكۡثَرُهُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (83)

قوله عز وجل : { يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها } ، فيه خمسة تأويلات :

أحدها : أنه عنى [ بالنعمة ] النبي صلى الله عليه وسلم ، يعرفون نبوته ثم ينكرونها ويكذبونه ، قاله السدي .

الثاني : أنهم يعرفون ما عدد الله تعالى عليهم في هذه السورة من النعم ، وأنها من عند الله وينكرونها بقولهم أنهم ورثوا ذلك عن آبائهم ، قاله مجاهد .

الثالث : أن إنكارها أن يقول الرجل : لولا فلان ما كان كذا وكذا ، ولولا فلانٌ ما أصبت كذا ، قاله عون بن عبد الله .

الرابع : أن معرفتهم بالنعمة إقرارهم بأن الله رزقهم ، وإنكارهم قولهم : رزقنا ذلك بشفاعة آلهتنا .

الخامس : يعرفون نعمة الله بتقلبهم فيها ، وينكرونها بترك الشكر عليها .

ويحتمل سادساً : يعرفونها في الشدة ، وينكرونها في الرخاء .

ويحتمل سابعاً يعرفونها بأقوالهم ، وينكرونها بأفعالهم . قال الكلبي : هذه السورة تسمى سورة النعم ، لما ذكر الله فيها من كثرة نعمه على خلقه .

{ وأكثرهم الكافرون } ، فيه وجهان :

أحدهما : معناه وجميعهم كافرون ، فعبر عن الجميع بالأكثر ، وهذا معنى قول الحسن .

الثاني : أنه قال : { وأكثرهم الكافرون } ؛ لأن فيهم من جرى عليه حكم الكفر تبعاً لغيره كالصبيان والمجانين ، فتوجه الذكر إلى المكلفين .