ثمَّ ذمَّهم بأنهم يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها ، وذلك نهاية في كفران النِّعمة ، وجيء ب " ثُمَّ " هنا ؛ للدَّلالة أن إنكارهم أمر مستبعد بعد حصول المعرفة ؛ لأنَّ من عرف النِّعمة حقُّه أن يعترف لا أن ينكر ، وفي المراد بالنِّعمة وجوه :
قال القاضي{[1]} : هي جميع ما ذكر الله تعالى في الآيات المتقدِّمة ، ومعنى إنكارهم : أنهم ما أفردوه - تعالى - بالشُّكر والعبادة ، بل شكروا غيره وقالوا : إنما حصلت هذه النعمة بشفاعة الأصنام .
وقيل : المراد بالنِّعمة هنا : نُبوَّة محمد صلى الله عليه وسلم ، عرفوا أنَّها حق ثمَّ أنكروها ، ونبوته نعمة عظيمة ؛ كما قال - تعالى- : { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } [ الأنبياء : 107 ] .
وقيل :{ يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ الله ثُمَّ يُنكِرُونَهَا } ، أي : لا يستعملونها في طلب رضوان الله ، ثم قال جل ذكره : { وَأَكْثَرُهُمُ الكافرون } .
فإن قيل : ما معنى قوله : { وَأَكْثَرُهُمُ الكافرون } ، مع أنَّهم كلهم كافرون ؟ .
الأول : إنما قال - عز وجل - : { وَأَكْثَرُهُمُ الكافرون } ؛ لأنه كان فيهم من لم تقم عليه الحجَّة ؛ كالصَّبي وناقص العقل ، فأراد بالأكثر ؛ البالغين الأصحاء .
والثاني : أن المراد بالكافر : الجاحد المعاند ، فقال : " وأكْثَرهُم " ؛ لأنه كان فيهم من لم يكن معانداً ، بل جاهلاً بصدق الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - ولم يظهر له كونه نبيًّا حقًّا من عند الله .
الثالث : ذكر الأكثر وأراد الجميع ؛ لأن أكثر الشيء ، يقوم مقام الكل ؛ كقوله : { الحمد لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } [ لقمان : 25 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.