قوله عز وجل : { والله جعل لكم مما خلق ظلالاً } ، فيه وجهان :
أحدهما : البيوت ، قاله الكلبي .
الثاني{[1747]} : الشجر ، قاله قتادة .
{ وجعل لكم من الجبال أكناناً } ، الأكنان : جمع كِنّ ، وهو الموضع الذي يستكن فيه{[1748]} ، وفيه وجهان :
الثاني : أنه ما فيها من غار أو شَرَف{[1749]} .
{ وجعل لكم سرابيل تقيكم الحرّ } ، يعني : ثياب القطن والكتان والصوف .
{ وسرابيل تقيكم بأسكم } ، يعني : الدروع التي تقي البأس ، وهي : الحرب .
قال الزجاج : كل ما لبس من قميص ودروع فهو سربال{[1750]} .
فإن قيل : فكيف قال : { وجعل لكم من الجبال أكناناً } ، ولم يذكر السهل ، وقال : { تقكيم الحر } ، ولم يذكر البرد ؟
أحدها : أن القوم كانوا أصحاب جبال ولم يكونوا أصحاب سهل ، وكانوا أهل حر ولم يكونوا أهل برد ، فذكر لهم نعمه عليه مما هو مختص بهم ، قاله عطاء .
الثاني : أنه اكتفى بذكر أحدهما عن ذكر الآخر ، إذ كان معلوماً أن من اتخذ من الجبال أكناناً اتخذ من السهل ، والسرابيل التي تقي الحر تقي البرد ، قاله الفراء ، ومثله قول الشاعر :
وما أدري إذا يممتُ أرضاً *** أريد الخير أيهما يليني{[1751]} .
فكنى عن الشر ولم يذكره ؛ لأنه مدلول عليه .
الثالث : أنه ذكر الجبال لأنه قدم ذكر السهل بقوله تعالى : { والله جعل لكم من بيوتكم سكناً } ، وذكر الحرَّ دون البرد تحذيراً من حر جهنم وتوقياً لاستحقاقها بالكف عن المعاصي . { كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون{[1752]} } ، أي : تؤمنون بالله إذا عرفتم نعمه عليكم . وقرأ ابن عباس : { لعلكم تسلمون } ، بفتح التاء ، أي : تسلمون من الضرر ، فاحتمل أن يكون عنى ضرر الحر والبرد ، واحتمل أن يكون ضرر القتال والقتل ، واحتمل أن يريد ضرر العذاب في الآخرة إن اعتبرتم وآمنتم{[1753]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.