الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَإِذَا كَالُوهُمۡ أَو وَّزَنُوهُمۡ يُخۡسِرُونَ} (3)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وإذا هم كالوا للناس أو وزنوا لهم... وقوله:"يُخْسِرُونَ "يقول: ينقصونهم...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

ويقال: أخسر وخسر لغتان إذا نقص الحق...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

والضمير في {كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ} ضمير منصوب راجع إلى الناس... وذلك أنّ المعنى: إذا أخذوا من الناس استوفوا، وإذا أعطوهم أخسروا...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

و {كالوهم} معناه: قبضوهم،...وظاهر هذه الآية يقتضي أن الكيل والوزن على البائع وليس ذلك بالجلي، وصدر الآية هو في المشترين، فذمهم بأنهم {يستوفون} ويشاحون في ذلك، إذ لا تمكنهم الزيادة على الاستيفاء لأن البائع يحفظ نفسه، فهذا مبلغ قدرتهم في ترك الفضيلة والسماحة المندوب إليها، ثم ذكر أنه إذا باعوا أمكنهم من الظلم والتطفيف أن يخسروا لأنهم يتولون الكيل للمشتري منهم وذلك بحالة من يخسر البائع إن قدر...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

و {يستوفون} جواب {إذا} والاستيفاء أخذ الشيء وافياً، فالسين والتاء فيه للمبالغة في الفعل مثل: استجاب. ومعنى {يخسرون} يوقعون الذين كالوا لهم أو وزنوا لهم في الخسارة، والخسارة النقص من المال من التبايع. وهذه الآية تحذير للمسلمين من التساهل في التطفيف إذ وجوده فاشياً في المدينة في أول هجرتهم وذم للمشركين من أهل المدينة وأهل مكة. وحسبهم أن التطفيف يجمع ظلماً واختلاساً ولؤماً، والعرب كانوا يتعيرون بكل واحد من هذه الخلال متفرّقة ويتبرؤون منها، ثم يأتونها مجتمعة، وناهيك بذلك أفناً...

الشعراوي – 1419هـ:

فلم يقل: «كالوا»، وإنما قال: {كالوهم} فهم ليسوا ملحوظين في الصفقة، كأن شخصاً يعقد صفقة مع غيره، وذلك الذي يعقد معه الصفقة لا وجود له، فلا هو آخذ ولا هو معطٍ، فالآية تفيد أن هناك جماعة مسيطرين على اقتصاديات الناس، ومسيطرين على مقومات الحياة، فإذا أخذوا منهم أخذوا حقوقهم باستيفاء يصل إلى درجة الجور، وإذا أدواهم فإنهم يخسرون.

تفسير القرآن الكريم لابن عثيمين 1421 هـ :

{يخسرون} فهؤلاء يستوفون حقهم كاملاً، وينقصون حق غيرهم، فجمعوا بين الأمرين، بين الشح والبخل، الشح: في طلب حقهم كاملاً بدون مراعاة أو مسامحة، والبخل: بمنع ما يجب عليهم من إتمام الكيل والوزن، وهذا المثال الذي ذكره الله عز وجل في الكيل والوزن هو مثال، فيقاس عليه كل ما أشبه، كل من طلب حقه كاملاً ممن هو عليه ومنع الحق الذي عليه فإنه داخل في الآية الكريمة...

.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

ويمكننا توجيه (الذم) الحاصل، باعتبار أخذهم حقّهم كاملاً عند الشراء، وينقصون من حقّ الآخرين عند البيع، كمن يريد أن يذم شخصاً بقوله: ما أغربك من رجل، تراك تأتي في الموعد المقرر عندما تكون دائناً، وتتهرب من أداء ما عليك عندما تكون مديناً. فأخذ الحقّ في موعده المقرر ليس عملاً سيّئاً، ولكن حصول الحالتين (أعلاه) في شخص واحد هو السيئ. وقد جاء ذكر «الكيل» في الآيتين عند حالة الشراء، وذكر «الكيل» و«الوزن» عند حالة البيع، وربّما يرجع ذلك لأحد سببين: الأوّل: كان تجار تلك الأزمان الكبار يستعملون (المكيال) عند شرائهم للكميات الكبيرة من المواد، لأنّه لم يكن عندهم ميزان كبير يستوعب تلك المواد الكثيرة ....

...أمّا في حالة البيع، فكانوا يكيلون لبيع الجملة، ويزنون لبيع المفرد. الثّاني: إنّهم كانوا يفضلون استعمال المكيال عند الشراء، لصعوبة الغش فيه، ويستغلون الميزان عند البيع لسهولة الغش فيه! وممّا ينبغي الالتفات إليه.. إنّ الآيات وإن تحدثت عن التطفيف في الكيل والوزن، ولكن، لا ينبغي حصر مفهومها بهما، فالتطفيف يشمل حتى العدد، وليس من البعيد أن تكون الآيات قد أشارت إلى إنقاص ما يؤدي من خدمة مقابل أجر، كما لو سرق العامل أو الموظف من وقت عمله، فإنّه والحال هذه سيكون في حظيرة «المطففين» المذمومين بشدّة في الآيات المباركة المذكورة. ويتوسع البعض في مفهوم الآية أكثر وأكثر حتى يجعل أيّ تجاوز لحدود اللّه، وأيّ إنقاص أو إخلال في الروابط الاجتماعية أو انحلال في الضوابط الأخلاقية، إنّما هو مفردات ومصاديق لهذا المفهوم. ومع أنّ ظاهر ألفاظ الآية لا يرمز إلى هذه المعاني، ولكنّها لا تخلو من مناسبة...

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَإِذَا كَالُوهُمۡ أَو وَّزَنُوهُمۡ يُخۡسِرُونَ} (3)

ولما أفهم تقديم الجار الاختصاص فأفهم أنهم إذا فعلوا من أنفسهم لا يكون كذلك ، صرح به فقال : { وإذا كالوهم } أي كالوا الناس أي حقهم أي ما لهم من الحق { أو وزنوهم } أي وزنوا ما عليهم له من الحق-{[72127]} ، يقال : اكتال من الرجل وعليه و{[72128]}كال له{[72129]} الطعام وكاله الطعام-{[72130]} ، ووزنت الرجل الشيء ووزنت له الشيء ، ولعله سبحانه اختار " على " في الأول والمعدى إلى اثنين في الثاني لأنه أدل على حضور صاحب الحق ، فهو في غيبته أولى ، فهو أدل على المرون على الوقاحة ، فهما كلمتان لا أربع لأنه ليس بعد الواو ألف جمع ، قال البغوي{[72131]} : وكان عيسى بن عمر يجعلهما{[72132]} حرفين يقف على كالوا ووزنوا ويبتدىء هم ، قال أبو عبيدة : والاختيار الأولى{[72133]} ، قال البغوي : يعني أن كل واحدة كلمة لأنهم كتبوهما بغير ألف باتفاق المصاحف ، وقال الزمخشري{[72134]} : ولا يصح أن يكون ضميراً للمطففين لأن الكلام يخرج به إلى نظم فاسد ، وذلك أن المعنى : إذا أخذوا من الناس استوفوا وإذا أعطوهم{[72135]} أخسروا ، وإن جعلت الضمير للمطففين انقلب إلى قولك : إذا-{[72136]} أخذوا من الناس استوفوا ، وإذا تولوا الكيل أو الوزن هم على الخصوص أخسروا ، وهو كلام متنافر لأن الحديث واقع في الفعل لا في المباشر ، والتعلق في إبطاله بخط المصحف وأن الألف التي تكتب بعد واو الجمع غير ثابته فيه ركيك لأن خط المصحف لم يراع في كثير منه حد المصطلح عليه في علم{[72137]} الخط - انتهى . ولا شك أن{[72138]} في خط المصحف تقوية لهذا الوجه المعنوي{[72139]} وتأكيداً { يخسرون * } أي يوجدون الخسارة بالنقص فيما يكيلون لغيرهم ، والحاصل أنهم يأخذون وافياً أو زائداً ويعطون ناقصاً .

وقال الإمام أبو جعفر-{[72140]} ابن الزبير : لما قال سبحانه وتعالى في سورة الانفطار

{ وإن عليكم لحافظين كراماً كاتبين }[ الانفطار : 10 ] الآية وكان مقتضى ذلك الإشعار بوقوع الجزاء على جزئيات الأعمال وأنه لا يفوت عمل كما قال تعالى :

{ وإن كان مثقال حبة من{[72141]} خردل أتينا بها وكفا بنا حاسبين }[ الأنبياء : 47 ] أتبع الآية المتقدمة بجزاء عمل يتوهم فيه قرب المرتكب وهو {[72142]}من أكبر{[72143]} الجرائم ، وذلك التطفيف في المكيال والميزان والانحراف عن إقامة القسط في ذلك ، فقال تعالى : { ويل للمطففين } [ المطففين : 1 ] ثم أردف تهديدهم وتشديد وعيدهم فقال : { ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم } [ المطففين : 4 – 5 ] ثم التحمت الآي مناسبة لما افتتحت به السورة إلى ختامها{[72144]} - انتهى .


[72127]:زيد من ظ و م.
[72128]:من ظ و م، وفي الأصل: كان.
[72129]:من ظ و م، وفي الأصل: كان.
[72130]:زيد من ظ و م.
[72131]:راجع المعالم 7/182.
[72132]:من ظ و م، وفي الأصل: يجعلها.
[72133]:زيد في الأصل: انتهى، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[72134]:راجع البحر 8/439.
[72135]:من م، وفي الأصل و ظ: اعطوا لهم.
[72136]:زيد من ظ و م.
[72137]:من ظ و م، وفي الأصل: اعلم.
[72138]:من ظ و م، وفي الأصل:إنه.
[72139]:من ظ و م، وفي الأصل: المعنى.
[72140]:زيد من ظ و م.
[72141]:من ظ و م، وفي الأصل: في.
[72142]:من ظ و م، وفي الأصل: أكرمن.
[72143]:من ظ و م، وفي الأصل: أكرمن.
[72144]:في ظ و م: خاتمتها.