الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{وَمَنۡ خَفَّتۡ مَوَٰزِينُهُۥ فَأُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فِي جَهَنَّمَ خَٰلِدُونَ} (103)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ومن خفت موازينه} يعني: الكفار {فأولئك الذين خسروا} يعني: غبنوا {أنفسهم في جهنم خالدون} لا يموتون.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"وَمَنْ خَفّتْ مَوَازِينُهُ" يقول: ومن خفّت موازين حسناته، فرجَحَتْ بها موازين سيئاته، "فَأُولَئِكَ الّذِينَ خَسِرُوا أنْفُسَهُمْ" يقول: غَبَنوا أنفسهم حظوظها من رحمة الله، "في جَهَنّمَ خالِدُونَ" يقول: هم في نار جهنم.

جهود الإمام الغزالي في التفسير 505 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 102]

ووجهها أن الله يحدث في صحائف الأعمال وزنا بحسب درجات الأعمال عند الله تعالى، فتصير مقادير أعمال العباد معلومة للعباد حتى يظهر لهم العدل في العقاب أو الفضل في العفو وتضعيف الثواب.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

ومن ثقلت سيئاته فإلى النار، وتمام الكلام في هذا الباب قد تقدم في سورة الأنبياء عليهم السلام. وأما الأشقياء فقد وصفهم الله تعالى بأمور أربعة؛

أحدها: أنهم خسروا أنفسهم، قال ابن عباس رضي الله عنهما غبنوها بأن صارت منازلهم للمؤمنين، وقيل امتنع انتفاعهم بأنفسهم لكونهم في العذاب.

وثانيها: قوله: {في جهنم خالدون} ودلالته على خلود الكفار في النار بينة...

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

{وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} أي: ثقلت سيئاته على حسناته، {فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} أي: خابوا وهلكوا، وباؤوا بالصفقة الخاسرة...

ولهذا قال:"في جهنم خالدون" أي: ماكثون، دائمون مقيمون لا يظعنون.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ومن خفت موازينه} لإعراضه عن تلك الأعمال المؤسسة على الإيمان {فأولئك} خاصة {الذين خسروا أنفسهم} لإهلاكهم إياها باتباعها شهواتها في دار الأعمال وشغلها بأهوائها عن مراتب الكمال؛ ثم علل ذلك أو بينه بقوله: {في جهنم خالدون} وهي دار لا ينفك أسيرها، ولا ينطفئ سعيرها.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

تمثيل لحال خيبتهم فيما كانوا يأملونه من شفاعة أصنامهم وأن لهم النجاة في الآخرة أو من أنهم غير صائرين إلى البعث، فكذبوا بما جاء به الإسلام وحسبوا أنهم قد أعدوا لأنفسهم الخير فوجدوا ضده فكانت نفوسهم مخسورة كأنها تَلِفَت منهم..

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

وهو أي: الخسران مكون من ثلاثة: أولها أنهم خسروا أنفسهم، فقد خسروا المعاني الروحية التي كانت ترفعهم من دركة الحيوانية إلى مرتبة الإنسانية، وخسروا العزاء النفسي الذي كان يكشف عنهم ضراء الحياة ويجعلهم يحتملونها، وخسروا الإيمان الصادق بالله فهو نعمة لا يحس بها إلا المؤمنون.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

لأنهم لم يحصّلوا من النتائج الصالحة ما يشكّل سبباً للحصول على رضى الله، بل حصّلوا على العكس من ذلك النتائج السيئة التي تخفف موازينهم عنده. من هنا، فإن رضى الله سبحانه وتعالى هو الأساس الثابت لأن يربح الإنسان نفسه، لأن مسألة الربح والخسارة هنا ليست مسألة مكسب معيّنٍ أو حالةٍ طارئة من حالات الكسب التي قد يحصل عليها الإنسان فيكون رابحاً في الموسم، وقد لا يحصل عليها، فيسجّل في الخاسرين، بل هي مسألة خسارة المصير كله إلى الأبد، حيث إنهم {فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} فلا مجال للخروج منها إلى الجنة، أو إلى أيّ موقع آخر بعيدٍ عنها، لو وجد مثل هذا الموقع في غير الجنة.