اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَمَنۡ خَفَّتۡ مَوَٰزِينُهُۥ فَأُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فِي جَهَنَّمَ خَٰلِدُونَ} (103)

قوله : { وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فأولئك الذين خسروا أَنفُسَهُمْ } قال ابن عباس : غبنوها بأن صارت منازلهم للمؤمنين{[33410]} . وقيل : امتنع انتفاعهم بأنفسهم لكونهم في العذاب{[33411]} .

قوله : { فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ } يجوز أن يكون «خَالِدُونَ » خبراً ثانياً ل ( أُولَئِكَ ) ، وأن يكون خبر{[33412]} مبتدأ مضمر ، أي : هم خالدون{[33413]} . وقال الزمخشري : { فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ } بدل من «خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ » ، ولا محل للبدل والمبدل منه ، لأنّ الصلة لا محل لها{[33414]} .

قال أبو حيان : جعل «فِي جَهَنَّمَ » بدلاً من ( خَسِرُوا ) ، وهذا بدل{[33415]} غريب ، وحقيقته أن يكون البدل الفعل الذي تعلق به «فِي جَهَنَّمَ » أي : استقروا في جهنم وهو بدل شيء{[33416]} من شيء لأنّ من خسر نفسه استقر في جهنم{[33417]} . قال شهاب الدين : فجعل الشيخ الجار والمجرور البدل{[33418]} دون «خالدون » ، والزمخشري جعل جميع ذلك بدلاً ، بدليل قوله بعد ذلك : أو خبراً بعد خبر ، ل «أُولَئِكَ » أو خبر مبتدأ محذوف{[33419]} . وهذان إنّما{[33420]} يليقان ب «خَالِدُونَ » ، وأما «فِي جهنَّم » فمتعلق به ، فيحتاج كلام الزمخشري إلى جواب ، وأيضاً فيصير «خَالِدُونَ » معلقاً .

وجوَّز أبو البقاء أن يكون الموصول نعتاً لاسم الإشارة{[33421]} ، وفيه نظر ، إذ الظاهر كونه خبراً له {[33422]} .


[33410]:انظر الفخر الرازي 23/124.
[33411]:المرجع السابق.
[33412]:في ب: خبرا. وهو تحريف.
[33413]:انظر الكشاف 3/57.
[33414]:الكشاف 3/57.
[33415]:في ب: بدل من.
[33416]:في البحر المحيط: وكأنه بدل الشيء من الشيء وهما لمسمى واحد على سبيل المجاز.
[33417]:البحر المحيط 6/421 – 422.
[33418]:في الأصل: والبدل.
[33419]:الكشاف 3/57.
[33420]:في ب: لا. وهو تحريف.
[33421]:وخبر اسم الإشارة "في جهنم". وما حكاه عن أبي البقاء غير موجود في التبيان، وهو في البحر المحيط 6/422.
[33422]:الدر المصون 5/94.