الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَمَنۡ خَفَّتۡ مَوَٰزِينُهُۥ فَأُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فِي جَهَنَّمَ خَٰلِدُونَ} (103)

قوله : { فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ } : يجوزُ أَنْ يكونَ " خالِدون " خبراً ثانياً ل " أولئك " وأَنْ يكونَ خبرَ مبتدأ مضمرٍ أي : هم خالدون ، وقال الزمخشري : { فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ } بدلٌ مِنْ " خَسِروا أنفسَهم " ، ولا محلَّ للبدلِ والمبدلِ منه ؛ لأنَّ الصلة لا مَحَلَّ لها . قال الشيخ : " جَعَلَ " في جهنم " بدلاً مِنْ " خَسِروا " وهذا بدلٌ غريبٌ . وحقيقتُه أَنْ يكونَ البدلُ الفعلَ الذي تَعَلَّق به " في جهنم " أي : استقرُّوا في جهنم ، وهو بدلُ شيءٍ مِنْ شيء ؛ لأنَّ مَنْ خَسِر نفسَه استقرَّ في جهنَم " .

قلت : فجعل الشيخُ الجارُّ والمجرورَ البدلَ دون " خالدون " والزمخشريُّ جعل جميع ذلك بدلاً ، بدليلِ قولِه بعد ذلك : " أو خبرٌ بعد خبرٍ ل " أولئك " أو خبرُ مبتدأ محذوفٍ " . وهذان إنما يليقان ب " خالدون " ، وأمَّا " في جهنم " فمتعلِّقٌ به ، فيحتاج كلامُ الزمخشريِّ إلى جوابٍ . وأيضاً فيصير " خالدون " مُفْلتاً . وجَوَّز أبو البقاء أن يكونَ الموصولُ نعتاً لاسمِ الإِشارة وفيه نظرٌ ؛ إذ الظاهرُ كونُه خبراً له .