الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{۞وَيَٰقَوۡمِ مَا لِيٓ أَدۡعُوكُمۡ إِلَى ٱلنَّجَوٰةِ وَتَدۡعُونَنِيٓ إِلَى ٱلنَّارِ} (41)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة} من النار إضمار يعني التوحيد.

{وتدعونني إلى النار} يعني الشرك.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هذا المؤمن لقومه من الكفرة:"مَالِي أدْعُوكُمْ إلَى النّجَاة" من عذاب الله وعقوبته بالإيمان به، واتباع رسوله موسى، وتصديقه فيما جاءكم به من عند ربه، "وَتَدْعُونَنِي إلى النّارِ "يقول: وتدعونني إلى عمل أهل النار.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

إنما يذكر هذا وأمثاله في المواعظ إذا انتهت غايتها، وبلغت نهايتها، فلم ينجع فيهم، وهو كقوله تعالى: {لكم دينكم ولي دين} [الكافرون: 6] وقوله تعالى: {لي عملي ولكم عملكم} الآية [يونس: 41]...

البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :

بدأ أولاً بجملة اسمية، وهو استفهام المتضمن التعجب من حالتهم، وختم أيضاً بجملة اسمية ليكون أبلغ في توكيد الأخبار.

وجاء في حقهم {وتدعونني} بالجملة الفعلية التي لا تقتضي توكيداً، إذ دعوتهم باطلة لا ثبوت لها فتؤكد.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

الاستفهام في {مَا لِي أدْعُوكم إلى النجاة} استفهام تعجبي باعتبار تقييده بجملة الحال وهي {وتَدْعُونَنِي إلَى النَّارِ} فجملة {وتَدْعُونَنِي إلَى النَّارِ} في موضع الحال بتقدير مبتدأ، أي وأنتم تدعونني إلى النار وليست بعطف؛ لأن أصل استعمال: ما لي أفعل، وما لي لا أفعل ونحوه، أن يكون استفهاماً عن فعل أو حالٍ ثبت للمجرور باللام (وهي لام الاختصاص)، ومعنى لام الاختصاص يَكسب مدخولها حالةً خَفيًّا سببُها الذي عُلق بمدخول اللام نحو قوله تعالى: {ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل اللَّه اثّاقلتم إلى الأرض} [التوبة: 38]، فتكون الجملة التي بعد اسم الاستفهام وخبره جملة فعلية، فإذا قامت القرينة على انتفاء إرادة الاستفهام الحقيقي، انصرف ذلك إلى التعجب من الحالة أو إلى الإِنكار أو نحو ذلك، فالمعنى هنا على التعجب يعني أنه يعجب من دعوتهم إياه لدينهم مع ما رأوا من حرصه على نصحهم ودعوتهم إلى النجاة، وما أتاهم به من الدلائل على صحة دعوته وبطلان دعوتهم...

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

هذا كلام الرجل المؤمن من آل فرعون، كأنه كلام الأنبياء، وإني حتى الآن لم أَهْتد إلى سبب يقنعني كيف سكت فرعون على هذا الكلام، ولا أستطيع إلا أن أقول: إن الله سبحانه قادر على أنْ يجمع بين الشيء ونقيضه، فالمؤمن يجهر بهذا الكلام الإيماني لكن الحق سبحانه يُدخله في أذن فرعون غير ذلك، وإلا لما سكت عنه وتركه يتكلم بهذا المنطق الإيماني الذي يهدم ألوهية فرعون المدَّعاة، أو كما قلنا أن وارد الرحمن لا يُعارض.

وقوله: {مَا لِيۤ} يستفهم عن شيء في نفسه: كيف أدعوكم إلى النجاة وأنتم تدعونني إلى النار؟ أي: إلى ما يؤدي إلى النجاة وما يؤدي إلى النار، قالوا: لأن الخير لا يكون خيراً إلا إذا أحببته لسواك، لذلك قال صلى الله عليه وسلم:"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

الكلام الأخير:

في خامس وآخر مرحلة يزيل مؤمن آل فرعون الحجب والأستار عن هويته، إذ لم يستطع التكتم ممّا فعل، فقد قال كلّ ما هو ضروري، أمّا القوم من ملأ فرعون، فكان لهم كما سنرى ذلك قرارهم الخطير بشأنه!

يفهم من خلال القرائن أنّ أولئك المعاندين والمغرورين لم يسكتوا حيال كلام هذا الرجل الشجاع المؤمن، وإنّما قاموا بطرح «مزايا» الشرك في مقابل كلامه، ودعوه كذلك إلى عبادة الأصنام.

لذا فقد صرخ قائلا: (و يا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة و تدعونني إلى النّار).

إنني أطلب سعادتكم وأنتم تطلبون شقائي؛ إنني أهديكم إلى الطريق الواضح الهادي وأنتم تدعونني إلى الانحراف والضلال!