المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{بِنَصۡرِ ٱللَّهِۚ يَنصُرُ مَن يَشَآءُۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ} (5)

4- قبل أن تمضى تسع سنوات - وكان المشركون قد فرحوا بانتصار فارس ، وقالوا للمسلمين : سنغلبكم كما غلبت فارس الروم التي هي من أهل الكتاب - قد حقَّق الله وعده ، فانتصر الروم على فارس في الأجل الذي سمَّاه ، فكان ذلك آية بينة على صدق محمد ( في دعواه وصحة ما جاء به ، لله الأمر والقضاء من قبل كل شيء ومن بعد كل شيء ، ويوم ينتصر الروم على فارس يفرح المؤمنون بنصر الله الذي يؤيد من يشاء ، وهو الغالب على أعدائه ، الرحيم بأوليائه .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{بِنَصۡرِ ٱللَّهِۚ يَنصُرُ مَن يَشَآءُۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ} (5)

قوله تعالى : { ويومئذ يفرح المؤمنون* بنصر الله } الروم على فارس . قال السدي : فرح النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون بظهورهم على المشركين يوم بدر ، وظهور أهل الكتاب على أهل الشرك ، { ينصر من يشاء وهو العزيز } الغالب ، { الرحيم } بالمؤمنين .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{بِنَصۡرِ ٱللَّهِۚ يَنصُرُ مَن يَشَآءُۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ} (5)

{ بنصر الله } من له كتاب على من لا كتاب له لما فيه من انقلاب التفاؤل وظهور صدقهم فيما اخبرا به المشركين وغلبتهم في رهانهم وازدياد يقينهم وثباتهم في دينهم ، وقيل بنصر الله المؤمنين بإظهار صدقهم أو بان ولي بعض أعدائهم بعضا حتى تفانوا . { ينصر من يشاء } فينصر هؤلاء تارة وهؤلاء أخرى . { وهو العزيز الرحيم } ينتقم من عباده بالنصر عليهم تارة ويتفضل عليهم بنصرهم أخرى .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{بِنَصۡرِ ٱللَّهِۚ يَنصُرُ مَن يَشَآءُۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ} (5)

/ت2

ثم أخبر تعالى بانفراده بالقدرة وأن ما في العالم من غلبة وغيرها إنما هي منه وبإرادته وقدره ، فقال { لله الأمر } أي إنفاذ الأحكام { من قبل ومن بعد } أي من بعد هذه الغلبة التي بين هؤلاء القوم ، و { قبل } و { بعد } ظرفان بنيا على الضم لأنهما تعرفا بحذف ما أضيفا إليه وصارا متضمنين ما حذف فخالفا معرب الأسماء وأشبها الحروف في التضمين فبينا وخصا بالضم لشبههما بالمنادى المفرد في أنه إذا نكر أو أَضيف زال بناؤه ، وكذلك هما فضما كما المنادى مبني على الضم ، وقيل في ذلك أيضاً أن الفتح تعذر فيهما لأنه حالهما في إظهار ما أضيفا إليه ، وتعذر الكسر لأنه حالهما عند إضافتهما إلى المتكلم ، وتعذر السكون لأن ما قبل أحدهما ساكن ، فلم يبق إلا الضم فبنيا عليه ، ومن العرب من يقول «من قبلٍ ومن بعدٍ » بالخفض والتنوين .

قال الفراء : ويجوز ترك التنوين فيبقى كما هو في الإضافة وإن حذف المضاف{[8]} ، وقوله تعالى : { ويومئذ } يحتمل أن يكون عطفاً على القبل والبعد ، كأنه حصر الأزمنة الثلاثة الماضي والمستقبل والحال ، ثم ابتدأ الإخبار بفرح المؤمنين بالنصر{[9]} ، ويحتمل أن يكون الكلام تم في قوله { بعد } ، ثم استأنف عطف جملة أخبر فيها أن يوم غلبت الروم الفرس { يفرح المؤمنون بنصر الله } ، وعلى هذا الاحتمال مشى المفسرون ، والنصر الذي { يفرح } به { المؤمنون } يحتمل أن يشار فيه إلى نصر الروم على فارس وهي نصرة الإسلام بحكم السببين اللذين قد ذكرتهما ، ويحتمل أن يشار فيه إلى نصر يخص المؤمنين على عدوهم وهذا أيضاً غيب أخبر به وأخرجه الوجود إما يوم بدر وإما يوم بيعة الرضوان ، ويحتمل أن يشار به إلى فرح المسلمين بنصر الله إياهم في أن صدق ما قال نبيهم من أن الروم ستغلب فارس فإن هذا ضرب من النصر عظيم .


[8]:- رواه عبد الله بن حميد في مسنده، والفريابي في تفسيره عن ابن عباس بسند ضعيف.
[9]:- من الناس من يذهب إلى أن هذا من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله، ومنهم الإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه، قال ابن عبد البر: السكوت في هذه المسألة أفضل من الكلام وأسلم. وحديث : (قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن) رواه الإمام مالك في الموطأ، والبخاري، والترمذي، وروى الترمذي عن أنس وابن عباس قالا: قال رسول صلى الله عليه وسلم: (إذا زلزلت تعدل نصف القرآن، وقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن، وقل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرآن). ومن الناس من يؤول ذلك باعتبار المعاني التي تشتمل عليها، وقد أشار المؤلف رحمه الله إلى هذين القولين، ويشير بذلك إلى أنه لا تفاضل بين كلام الله لأنه صفة ذاتية، وإنما التفاضل في المعاني باعتبار الأجر والثواب. والله أعلم.

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{بِنَصۡرِ ٱللَّهِۚ يَنصُرُ مَن يَشَآءُۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ} (5)

وأضيف النصر إلى اسم الجلالة للتنويه بذلك النصر وأنه عناية لأجل المسلمين .

وجملة { ينصر من يشاء } تذييل لأن النصر المذكور فيها عامّ بعموم مفعوله وهو { من يشاء } فكل منصور داخل في هذا العموم ، أي من يشاء نصره لحِكَم يعلمها ، فالمشيئة هي الإرادة ، أي : ينصر من يريد نصره ، وإرادته تعالى لا يُسأل عنها ، ولذلك عُقب بقوله { وَهُوَ العَزِيزُ } فإن العزيز المطلق هو الذي يغلب كل مغالب له ، وعقبه ب { الرَّحِيم } للإشارة إلى أن عزّته تعالى لا تخلو من رحمة بعباده ولولا رحمته لما أدال للمغلوب دولة على غالبه مع أنه تعالى هو الذي أراد غلبة الغالب الأول ، فكان الأمر الأول بعزته والأمر الثاني برحمته للمغلوب المنكوب وترتيب الصفتين العليتين منظور فيه لمقابلة كل صفة منهما بالذي يناسب ذكره من الغلبين ، فالمراد رحمته في الدنيا .