{ بنصر الله } أي الذي لا رادّ لأمره ، لأهل الكتاب عامة ، نصرهم على المشركين في غزوة بدر وهو المقصود بالذات ، ونصر الروم على فارس لتصديق موعود الله ونصر من سيصير من أهل الكتاب الخاتم من مشركي العرب على الفرس في وقعة ذي قار ، فقد{[52496]} وقع الفرح بالنصر الذي ينبغي إضافته إلى الله تعالى وهو {[52497]}نصر أهل الدين الصحيح أصلاً وحالاً ومآلاً ، وسوق الكلام على هذا الوجه الذي يحتمل الثلاثة من بدائع الإعجاز ، وسبب وقعة ذي قار أنه كان أبرويز هذا - الذي غلب الروم ثم غلبته{[52498]} الروم - قد غضب على النعمان بن المنذر ملك العرب ، فأتى النعمان هذا هانىء بن مسعود بن عامر الشيباني ، فاستودعه ماله وأهله وولده{[52499]} - وألف شكة ، أو {[52500]}أربعة آلاف{[52501]} شكة - والشكة بكسر المعجمة وتشديد الكاف : السلاح كله{[52502]} - ووضع وضائع عند أحياء العرب ثم هرب فأتى {[52503]}طيئاً لصهره{[52504]} فيهم ، وكانت عنده فرعة{[52505]} بنت سعيد{[52506]} بن حارثة بن لأم وزينب بنت{[52507]} أوس بن حارثة بن لأم ، فأبوا أن يدخلوه{[52508]} حبلهم وأتته بنو رواحة بن ربيعة{[52509]} بن عبس فقالوا له : أبيت اللعن ! أقم{[52510]} عندنا {[52511]}فإنا مانعوك مما نمنع{[52512]} منه أنفسنا ، فقال : ما أحب أن تهلكوا بسببي فجزيتم خيراً ، ثم خرج حتى وضع يده في يد كسرى فحبسه{[52513]} بساباط ، وقال ابن مسكويه : بخانقين{[52514]} ، فلم يزل في السجن حتى وقع الطاعون فمات فيه ، قال : والناس يظنون أنه مات بساباط ، والصحيح ما حكيناه .
فلما مات النعمان جعلت بكر بن وائل تغير في السواد ، فغضب من ذلك كسرى ، ثم بعث إلى هانىء بن مسعود يقول له : إن{[52515]} النعمان إنما كان عاملي ، وقد استودعك ماله وأهله وحلقته{[52516]} فابعث إليّ بها ولا
تكلفني{[52517]} أن أبعث إليك وإلى قومك بالجنود فتقتل المقاتلة وتسبي الذراري{[52518]} ، فبعث إليه هانىء أن الذي بلغك باطل ، وما عندي شيء ، وإن يكن الأمر كما قيل فإنما أنا أحد الرجلين : إما رجل استودع أمانة فهو حقيق أن يردها على{[52519]} من استودعها ولن{[52520]} يسلم الحر أمانته ، أو رجل مكذوب عليه وليس ينبغي{[52521]} للملك أن يأخذه بقول عدو أو حاسد . وكانت الأعاجم لهم قوة وحلم ، وكانوا قد سمعوا ببعض حلم العرب ، وأن الملك كائن{[52522]} فيهم ، فلما ورد عليه كتاب هانىء بهذا حملته الشفقة أن يكون ذلك قد اقترب على أن خرج بنفسه ، فأقبل حتى قطع الفرات فنزل غمر بني مقاتل ، وقد أحنقه ما صنعت بكر بن وائل في السواد ومنع{[52523]} هانىء إياه ما منعه ، ودعا كسرى إياس بن قبيصة الطائي وكان عامله على عين التمر وما والاها ، فاستشاره في الغارة على بكر بن وائل فقال له{[52524]} إياس : إن الملك لا يصلح أن يعصيه أحد من رعيته ، وإن تطعني لم يعلم أحد لأي شيء عبرت {[52525]}وقطعت{[52526]} الفرات ، فيرون أن أمر العرب قد كربك ، ولكن ترجع وتضرب عنهم{[52527]} وتبعث{[52528]} عليهم العيون حتى ترى منهم غرة ثم ترسل حينئذ كتيبة من العجم فيها بعض القبائل التي تليهم فيوقعون بهم وقعة الدهر ، ويأتونك بطلبك{[52529]} ، فقال له كسرى : أنت رجل من العرب وبكر بن وائل أخوالك ، فأنت تتعصب لهم لا تألوهم نصحاً ، فقال إياس : الملك أفضل رأياً ، فقام عمر بن عدي بن زيد العبادي{[52530]} وكان كاتبه وترجمانه بالعربية في أمور العرب فقال : قم أيها الملك وابعث إليهم بالجنود يكفوك ! وقام إليه{[52531]} النعمان بن زرعة من ولد السفاح الثعلبي فقال له : أيها الملك ! إن{[52532]} هذا الحي من{[52533]} بكر بن وائل إذا قاظوا{[52534]} تهافتوا على ماء لهم يقال له : ذو قار ، تهافت الفراش في النار ، فعقد لنعمان بن زرعة على تغلب والنمر ، وعقد لخالد بن يزيد البهراني على قضاعة وأياد وعقد{[52535]} لإياس بن قبيصة على جميع العرب ، ومعه كتيبتاه الشهباء و{[52536]} الدوسر ، فكانت العرب ثلاثة آلاف ، وعقد للهامرز على ألف من الأساورة ، وعقد لخيارزين{[52537]} على ألف{[52538]} ، وبعث معهم باللطيمة وهي عير كانت تخرج من العراق فيها البن{[52539]} والعطر والألطاف ، توصل ذلك إلى باذان عامل كسرى على اليمن ، وقال : إذا فرغتم من عدوكم فسيروا بها إلى اليمن ، وأمر عمرو بن عدي أن يسير بها ، وكانت العرب تحقرهم حتى تبلغ اللطيمة اليمن ، وعهد كسرى إليهم إذا شارفوا بلاد بكر بن وائل أن يبعثوا إليهم النعمان بن زرعة ، فإن أتوكم بالحلقة{[52540]} ومائة غلام منهم يكونون رهناً بما{[52541]} أحدث سفهاؤهم{[52542]} فاقبلوا منهم وإلا{[52543]} فقاتلوهم .
فلما بلغ الخبر بكر بن وائل سار هانىء بن مسعود حتى نزل بذي قار ، وأقبل النعمان بن زرعة حتى نزل على ابن أخته مرة بن عبد الله العجلي ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إنكم أخوالي وأحد طرفي ، وإن الرائد لا يكذب أهله ، وقد أتاكم ما لا قبل لكم به من أحرار فارس وفرسان العرب والكتيبتان الشهباء{[52544]} والدوسر ، و{[52545]}
إن في الشر خياراً ، {[52546]}ولأن{[52547]} يفدي بعضكم بعضاً{[52548]} خير من أن تصطلموا ، انظروا هذه الحلقة فادفعوها{[52549]} وادفعوا معها رهناً من أبنائكم إليه بما أحدث سفهاؤكم{[52550]} ، فقال له القوم : ننظر في أمورنا ، وبعثوا إلى{[52551]} من يليهم من بكر بن وائل وبرزوا ببطحاء ذي قار بين {[52552]}الجلهتين - وجلهة{[52553]} الوادي : مقدمه ، مثل جلهة{[52554]} الرأس إذا ذهب شعره - وجعلت بكر بن وائل حين بعثوا إلى من حولهم من قبائل بكر لا ترفع لهم جماعة إلا قالوا : سيدنا في هذه الجماعة ، إلى أن رفعت لهم جماعة فيها حنظلة بن ثعلبة بن سنان {[52555]}العجلي{[52556]} فقالوا : يا أبا معدان لقد طال انتظارنا وقد كرهنا أن نقطع أمراً دونك ، وهذا ابن أختك النعمان بن زرعة قد جاء والرائد لا يكذب أهله ، قال : فما الذي أجمع رأيكم عليه ؟ قالوا : قلنا اللحي أهون من الوهي ، وإن في الشر خياراً ، ولأن نفدي بعضنا بعضاً خير من أن نصطلم جميعاً ، فقال حنظلة : قبح{[52557]} الله هذا رأياً ، لا تجر{[52558]} أحرار فارس غزلها ببطحاء ذي قار وأنا أسمع صوتاً ، ثم أمر بقبته فضربت بوادي ذي قار {[52559]}ونزل{[52560]}ونزل الناس فأطافوا به ثم قال لهانىء بن مسعود : يا أبا أمامة ! إن ذمتكم ذمتنا عامة ، وأنه لن يوصل إليك حتى تفنى أرواحنا ، فأخرج هذه الحلقة ففرقها بين قومك ، فإن تظفر فسترد عليك ، وإن تهلك فأهون مفقود{[52561]} ، فأمر بها فأخرجت ففرقها بينهم ، ثم قال حنظلة للنعمان{[52562]} : لولا أنك رسول لما أبت إلى أهلك سالماً ، فرجع النعمان إلى أصحابه ، فأخبرهم فباتوا ليلتهم يستعدون للقتال ، وبات بكر بن وائل يستعدون للحرب ، فلما أصبحوا أقبلت الأعاجم نحوهم وأمر حنظلة بالظعن جميعاً فوقفها خلف الناس ثم قال : يا معشر بني بكر بن وائل ! قاتلوا عن ظعنكم أو دعوا ، وأقبلت الأعاجم يسيرون إلى تعبئة ، وكان ربيعة بن غزالة السكوتي ثم التجيبي يومئذ هو وقومه نزولاً في بني شيبان فقال{[52563]} : يا بني شيبان{[52564]} ! أما إني لو كنت منكم لأشرت عليكم برأي مثل عروة العلم قالوا : وأنت والله من أوسطنا ، أشر علينا ، قال : لا تستهدفوا هذه{[52565]} الأعاجم فتهلككم بنشابها ، ولكن تكردسوا لهم كراديس فيشد{[52566]} عليهم كردوس ، فإذا أقبلوا عليه شد الآخر ، قالوا : فإنك قد رأيت رأياً ، ففعلوا ، فلما التقى الزحفان وتقارب القوم قام حنظلة بن ثعلبة فقال : يا معشر بكر بن وائل ! إن النشاب الذي مع الأعاجم يعرفكم{[52567]} ، فإذا أرسلوه لم يُخْطِكُمْ ، فعاجلوهم اللقاء وابدأوهم ، ثم قام هانىء بن مسعود فقال : يا قوم ! مهلك معذور خير من منجى مفرور ، إن الحذر لا يدفع القدر ، وإن الصبر من أسباب الظفر ، المنية ولا الدنية ، واستقبال الموت خير من استدباره ، ياقوم : جدوا ، فما من القوم بد فتح لو كان له رجال أجد{[52568]} ، أسمع صوتاً ولا أرى فوتاً ، يا لبكر ! شدوا واستعدوا ، فإن{[52569]} لا تشدوا تردوا ، ثم قام شريك بن عمرو بن شراحيل فقال : ياقوم ! إنما تهابونهم أنكم ترونهم عند الحفاظ أكثر منكم ، وكذلك أنتم في عيونهم فعليكم بالصبر ، فإن الأسنة تردي الأعنة ، يا لبكر ! قدماً قدماً ، ثم قام عمرو بن جبلة اليشكري{[52570]} فقال :
يا قوم {[52571]}لا تغرركم هذي{[52572]} الخرق *** ولا وميض{[52573]} البيض في شمس برق{[52574]}
من لم يقاتل منكم هذي{[52575]} العنق *** فجنبوه اللحم{[52576]} واسقوه المرق
ثم قام حنظلة بن ثعلبة إلى ( وضين ) امرأته فقطعه{[52577]} ثم تتبع الظعن يقطع {[52578]} وضنهن ، لئلا يفر عنهن الرجال ، والوضين : بطان الناقة فسمي يومئذ : مقطع الوضن . وقال ابن مسكوية : إنه لما قطع الوضن{[52579]} وقع النساء إلى الأرض وإن بنت القرين الشيبانية نادت :{[52580]}ويها بني شيبان{[52581]} صفاً بعد صف ***
إن تهزموا يصبّغوا{[52582]} فينا القلف ***
فقطع سبعمائة من بني شيبان{[52583]} أيدي{[52584]} أقبيتهم من قبل مناكبهم لتخف أيديهم بالضرب ، وتقدمت عجل فأبلت يومئذ بلاء حسناً ، واضطمت عليهم {[52585]}جنود العجم{[52586]} فقال الناس : هلكت عجل ، ثم حملت بكر فوجدت عجلاً ثابتة تقاتل وامرأة{[52587]} منهم تقول{[52588]} :إن يظفروا يحرزوا فينا الغرل *** فدى لكم نفسي فدى بني عجل{[52589]}
وتقول أيضاً :إن تقدموا{[52590]} نعانق *** ونفرش{[52591]} النمارق
أو تهربوا نفارق *** فراق غير وامق{[52592]}
فكانت بنو عجل في الميمنة بإزاء خيارزين وبنو شيبان{[52593]} في الميسرة بإزاء كتيبة الهامرز ، وأفناء{[52594]} بكر بن وائل في القلب فخرج أسوار من الأعاجم مسور مشنف في أذنيه درتان ، من كتيبة الهامرز يتحدى الناس للبراز ، فنادى في بني شيبان فلم يبارزه أحد حتى {[52595]}إذا دنا{[52596]} من بني يشكر برز له برد بن حارثة أخو بني ثعلبة فشد عليه بالرمح فطعنه فدق صلبه وأخذ حليته وسلاحه ، وقال ابن مسكويه{[52597]} : ونادى الهامرز لما رأى جد القوم وثباتهم للحرب وصبرهم للموت مرد ومرد ، فقال برد بن حارثة اليشكري : ما يقول ؟ قيل : يدعو إلى البراز ! يقول : رجل ورجل ! فقال : وأبيكم لقد أنصف ، وبرز له فلم يلبث{[52598]} برد أن تمكن{[52599]} من الهامرز فقتله . وقال ابن مكرم{[52600]} في اختصاره للأغاني : ثم اقتتلوا صدر نهارهم أشد قتال رآه{[52601]} الناس إلى أن زالت الشمس ، فشد الحوقران واسمه الحارث ابن شريك على{[52602]} الهامرز فقتله وقتلت بنو عجل{[52603]} خيارزين ، وضرب الله وجوه الفرس فانهزموا ، وتبعتهم{[52604]} بكر بن وائل يقتلونهم بقية يومهم حتى أصبحوا من الغد وقد شارفوا السواد ودخلوه{[52605]} فلم يلفت منهم كبير{[52606]} أحد ، وأقبلت بكر بن وائل على الغنائم فقسموها بينهم ، وقسموا تلك اللطائم بين نسائهم ، وكان أول من انصرف إلى كسرى بالهزيمة إياس بن قبيصة ، وكان لا يأتيه أحد بهزيمة جيش إلا نزع كتفيه ، فلما أتاه إياس سأله عن الخبر فقال : هزمنا بكر بن وائل ، وأتيناك بنسائهم ، فأعجب ذلك كسرى ، وأمر له بكسوة ، ثم إن إياساً استأذنه عند ذلك فقال : إن أخي مريض بعين التمر ، فأردت أن آتيه ، وإنما أراد أن ينتحي عنه ، فإذن له ، ثم أتى رجل من أهل الحيرة{[52607]} فسأل : هل دخل على الملك أحد ؟ فقالوا : نعم ! إياس ، فقال : ثكلت إياساً أمه ! وظن أنه قد{[52608]} حدثه بالخبر ، فدخل عليه فحدثه بهزيمة القوم وقتلهم ، فأمر به فنزعت كتفاه{[52609]} ؛ وكانت وقعة ذي قار بعد وقعة بدر بأشهر ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، فلما بلغه ذلك قال : " هذا أول يوم انتصفت فيه العرب من العجم وبي{[52610]} نصروا " .
روى ذلك الطبراني في المعجم الكبير ، وقيل : إن الوقعة مثلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة فرفع يده ، فدعا لبني شيبان أو لجماعة{[52611]} ربيعة بالنصر ، ولم يزل يدعو لهم حتى أرى هزيمة الفرس ، وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال : " إيها بني ربيعة اللهم انصرهم " فهم إلى الآن إذا حاربوا نادوا بشعار{[52612]} النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته ، وقال قائلهم : يارسول الله ! دعوتك ، فإذا دعوا بذلك نصروا . وروى ذلك الطبراني في الكبير - قال الهيثمي{[52613]} : ورجاله رجال الصحيح غير{[52614]} خلاد بن عيسى وهو ثقة - عن{[52615]} خالد ابن سعيد بن العاص عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال : " قدمت بكر بن وائل مكة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه : " ائتهم فاعرض عليهم ! " فأتاهم فقال : من القوم ؟ ثم عاد إليهم ثانية فقال : من القوم{[52616]} ؟ فقالوا : بنو ذهل بن شيبان ، فعرض عليهم الإسلام ، قالوا : حتى يجيء شيخنا فلان - قال خلاد : أحسبه{[52617]} قال : المثنى بن حارثة{[52618]} - فلما جاء شيخهم عرض عليهم أبو بكر رضي الله عنه ، قال : إن بيننا وبين الفرس حرباً ، فإذا فرغنا مما بيننا وبينهم عدنا{[52619]} فنظرنا ، {[52620]}فقال له أبو بكر : أرأيت إن غلبتموهم أتتبعنا على أمرنا ؟ قال : لا نشترط لك هذا علينا ولكن إذا فرغنا فيما{[52621]} بيننا وبينهم عدنا فنظرنا فيما نقول ، فلما
التقوا يوم{[52622]} ذي قار هم والفرس قال شيخهم : ما اسم الرجل الذي دعاكم إلى الله ؟ قالوا : محمد ، قال{[52623]} : فهو شعاركم ! فنصروا على القوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بي{[52624]} نصروا "
انتهى . ومن الأشعار في وقعة ذي قار قول أبي كلبة التميمي{[52625]} :لولا فوارس لا ميل ولا عزل *** من اللهازم ما قظتم{[52626]} بذي قار
إن الفوارس من {[52627]}عجل هم{[52628]} أنفوا *** بأن يخلّوا لكسرى عرصة الدار
قد{[52629]} أحسنت ذهل شيبان وما عدلت *** في يوم ذي قار فرسان ابن سيار
هم الذين أتوهم عن شمائلهم{[52630]} *** كما تلبّس وراد بصدار
وقال الأعشى :فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي *** وصاحبها{[52631]} يوم اللقاء وفلت
هم ضربوا {[52632]}بالحنو حنو قراقر{[52633]} *** مقدمة الهامرز حتى تولت
ولما أخبر بإدالة الروم بعد الإدالة عليهم مع ما دخل تحت مفهوم الآية ، وكان ربما{[52634]} قيل : ما له لم يدم نصر أهل الكتاب ؟ علل ذلك كله بقوله : { ينصر من يشاء } من ضعيف وقوي ، لأنه لا{[52635]} مانع له{[52636]} و لا يسأل عما يفعل { وهو العزيز } فلا يعز من عادى ، ولا يذل من والى ، ولما كان هذا السياق لبشارة{[52637]} المؤمنين قال : { الرحيم } أي يخص حزبه بما ينيلهم قربه من الأخلاق الزكية ، والأعمال المرضية .