الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{بِنَصۡرِ ٱللَّهِۚ يَنصُرُ مَن يَشَآءُۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ} (5)

{ غُلِبَتِ الروم } [ الروم : 2 ] .

قرأ الجمهور : «غُلبت » بضم الغين ، وقالوا : معنى الآية : أنه بلغ أهلَ مكةَ أنّ الملكَ كِسْرَى هَزم جَيْشَ الروم بأذْرِعَاتٍ وهي أدنى الأرض إلى مكة قاله عكرمة فَسُرَّ بذلك كفارُ مكةَ فبشر اللّه تعالى المؤمنين بأن الرومَ سيَغْلِبونَ في بضْعِ سنين ، فخرج أبو بكر رضي اللّه عنه إلى المسجد الحرام فقال للكفار : أسركم أن غُلِبَتِ الرُّوم ؟ فإن نبيَّنا أخبرنا عن اللّه تعالى : أنهم سَيغْلبون في بضع سنين ، فقال له أُبَيُّ بن خلف وأخوه أمية بن خلف : يا أبا بكر : تعالَ فَلْنَتَنَاحَبْ أي : نتراهنْ في ذلك ، فراهنهم أبو بكر على خمس قلائص ، والأجل ثلاث سنين ، وذلك قبل أن يحرم القِمار فأخبر النبيُّ صلى الله عليه وسلم بذلك فقال له : إن البضع إلى التسع ، ولكن زِدْهم في الرهن واستزدهم في الأجل ، ففعل أبو بكرٍ ، فجعلوا القلائصَ مائةً ، والأجل تسعةَ أعوامٍ ، فَغَلَبَتْ الرومُ فارسَ فِي أثْنَاءِ الأَجَلِ يوم بدر ، ورُوِيَ أن ذلك كان يوم الحُدَيْبِية ، يوم بيعة الرضوان ، وفي كلا اليومين كان نصرٌ من اللّه تعالى للمؤمنين ، وذكر الناسُ سرورَ المؤمنين بغلبةِ الروم من أجل أنهم أهل كتاب ، وفرحت قريشٌ بغلبة الفرسِ من أجل أنهم أهل أوثان . ونحوه من عبادة النار .