المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَعَشِيّٗا وَحِينَ تُظۡهِرُونَ} (18)

18- والله - وحده - هو الحقيق بالحمد والثناء والشكر من أهل السموات والأرض ، فاحمدوه واعبدوه في العشي ، وحين تدخلون في الظهيرة .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَعَشِيّٗا وَحِينَ تُظۡهِرُونَ} (18)

قوله تعالى : { وله الحمد في السموات والأرض } قال ابن عباس : يحمده أهل السموات والأرض ويصلون له ، { وعشياً } أي : صلوا لله عشياً ، يعني صلاة العصر ، { وحين تظهرون } تدخلون في الظهيرة ، وهو الظهر . قال نافع بن الأزرق لابن عباس : هل تجد الصلوات الخمس في القرآن ؟ قال : نعم ، وقرأ هاتين الآيتين ، وقال : جمعت الآية صلاة الخمس ومواقيتها .

أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أنبأنا زاهر بن أحمد ، أنبأنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنبأنا أبو مصعب ، عن مالك ، عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أبي صالح السمان ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قال : سبحان الله وبحمده في أول النهار وآخره مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر " .

أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أنبأنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي ، أنبأنا أبو بكر محمد بن عمر بن حفص التاجر ، حدثنا السري بن خزيمة البيوردي ، حدثنا المعلى بن أسعد ، أنبأنا عبد العزيز بن المختار ، عن سهيل ، عن سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قال حين يصبح وحين يمسي : سبحان الله وبحمده ، مائة مرة ، لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد " .

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، أنبأنا محمد بن إسماعيل ، أنبأنا قتيبة بن سعيد ، أنبأنا محمد بن فضيل ، أنبأنا عمارة بن القعقاع ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن : سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم " .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان ، أنبأنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ، أنبأنا حميد بن زنجويه ، أنبأنا علي بن المديني ، أنبأنا ابن عيينة ، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة قال : سمعت كريباً أبا رشدين يحدث عن ابن عباس ، عن جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار ، " أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ذات غداة من عندها ، وكان اسمها برة فحوله رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماها جويرية ، وكره أن يقال خرج من عند برة ، فخرج وهي في مسجدها ورجع بعد ما تعالى النهار ، فقال : ما زلت في مجلسك هذا منذ خرجت بعد . قالت : نعم ، فقال : لقد قلت بعدك أربع كلمات ، ثلاث مرات ، لو وزنت بما قلت من اليوم لوزنتهن : سبحان الله وبحمده عدد خلقه ، ورضا نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته " .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَعَشِيّٗا وَحِينَ تُظۡهِرُونَ} (18)

17

( فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ، وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون ) . .

إن ذلك التسبيح وهذا الحمد يجيئان تعقيبا على مشهد القيامة في الفقرة السابقة ، وفوز المؤمنين بروضة فيها يحبرون ، وانتهاء الكافرين المكذبين إلى شهود العذاب . ومقدمة لهذه الجولة في ملكوت السماوات والأرض ، وأغوار النفس وعجائب الخلق . فيتسقان مع التعقيب على المشهد وعلى التقديم للجولة كل الاتساق .

والنص يربط التسبيح والحمد بالأوقات : الإمساء والإصباح والعشي والأظهار ؛ كما يربطهما بآفاق السماوات والأرض . فيتقصى بهما الزمان والمكان ؛ ويربط القلب البشري بالله في كل بقعة وفي كل أوان ؛ ويشعر بتلك الرابطة في الخالق مع هيكل الكون ودورة الأفلاك وظواهر الليل والنهار والعشي والأظهار . . ومن ثم يظل هذا القلب مفتوحا يقظا حساسا ، وكل ما حوله من مشاهد وظواهر ، وكل ما يختلف عليه من آونة وأحوال ، يذكره بتسبيح الله وحمده ؛ ويصله بخالقه وخالق المشاهد والظواهر والآونة والأحوال .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَعَشِيّٗا وَحِينَ تُظۡهِرُونَ} (18)

وقوله { وله الحمد في السماوات والأرض } جملة معترضة بين الظروف تفيد أن تسبيح المؤمنين لله ليس لمنفعة الله تعالى بل لمنفعة المسبحين لأن الله محمود في السماوات والأرض فهو غني عن حمدنا .

وتقديم المجرور في { ولَهُ الحَمْد } لإفادة القصر الادعائي لجنس الحمد على الله تعالى لأن حمده هو الحمد الكامل على نحو قولهم : فلان الشجاع ، كما تقدم في طالعة سورة الفاتحة . ولك أن تجعل التقديم للاهتمام بضمير الجلالة .

والإمساء : حلول المساء . والإصباح : حلول الصباح . وتقدم في قوله { فالق الإصباح } في سورة الأنعام ( 96 ) . والإمساء : اقتراب غروب الشمس إلى العشاء ، والصباح : أول النهار . والإظهار : حلول وقت الظهر وهو نصف النهار .

وقد استعمل الإفعال الذي همزته للدخول في المكان مثل : أنجد ، وأتهم ، وأيْمَنَ ، وأشأم في حلول الأوقات من المساء والصباح والظهر تشبيهاً لذلك الحلول بالكون في المكان ، فيكثر أن يقال : أصبح وأضحى وأمسى وأعْتَمَ وأشرَق ، قال تعالى { فأتبعوهم مشرقين } [ الشعراء : 60 ] .

والعشي : ما بعد العصر ، وقد تقدم عند قوله تعالى { ولا تَطْرُدِ الذين يَدْعُون ربهم بالغداة والعشي في سورة الأنعام ( 52 ) .