الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَعَشِيّٗا وَحِينَ تُظۡهِرُونَ} (18)

وقوله : { وله الحمد في السماوات والأرض } أي : له الحمد من جميع خلقه دون غيره ، من سكان السماوات والأرض .

قال ابن عباس : هذه الآية في الصلوات الأربع : الظهر والعصر والصبح والمغرب ، وصلاة العشاء في قوله تعالى / { ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات } هذا {[54660]} معنى قوله {[54661]} .

روي عنه : وعشيا : المغرب والعشاء .

وقال زر : " خاصم نافع بن الأزرق {[54662]} ابن عباس في شيء ، ثم قال نافع لابن عباس : هل تجد الصلوات الخمس في كتاب الله ؟ قال ابن عباس : نعم ثم قرأ عليه : { فسبحان الله حين تمسون } المغرب ، { وحسن تصبحون } الفجر ، { وعشيا } : العصر .

{ وحين تظهرون } : الظهر ، " ومن بعد صلاة العشاء " العشاء {[54663]} .

وعن ابن عباس قال : جمعت هذه الآية الصلوات الخمس وقال " حين تمسون " : المغرب والعشاء {[54664]} .

وقال مجاهد : " حين تمسون " : المغرب والعشاء ، " وحين تصبحون " : الفجر ، " وعشيا " : العصر ، " وحين تظهرون " : الظهر {[54665]} .

زرزي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ هذه الآية وقال : " هذا حين افترض وقت الصلاة " {[54666]} وأول وقت الظهر زوال الشمس إجماعا {[54667]} .

وآخر وقتها عند مالك : إذ كان ظل كل شيء مثله بعد الزوال {[54668]} وهو قول الثوري {[54669]} والشافعي وأبي ثور {[54670]} {[54671]} .

وقال يعقوب {[54672]} ومحمد بن الحسن {[54673]} : آخر وقتها أن يكون الظل قامة {[54674]} .

وقال عطاء {[54675]} : آخر وقتها إلى أن تصفر الشمس {[54676]} .

وقال طاوس {[54677]} : لا يفوت الظهر والعصر حتى الليل {[54678]} .

وقال النعمان {[54679]} : آخر وقتها ما لم يصر قامتين {[54680]} .

وأول وقت العصر : إذا كان ظل كل شيء مثله . هذا قول مالك والثوري والشافعي وإسحاق {[54681]} وأبي ثور {[54682]} .

وقال النعمان : أول وقتها أن يصير الظل قامتين بعد الزوال {[54683]} .

وآخر وقتها أن يصير ظل {[54684]} كل شيء مثيله على الاختيار ، فإن صلى بعد ذلك فقد فاته الاختيار ولم يفته وقت الصلاة ، قاله الثوري والشافعي {[54685]} وقاله أحمد {[54686]} وأبو ثور : آخر وقتها ما لم تصفر الشمس {[54687]} .

وقال إسحاق ابن راهويه : آخر وقتها غروب الشمس قبل أن يصلي المرء منها ركعة .

وعن ابن عباس وعكرمة : أن آخر وقتها غروب الشمس على الإطلاق . ووقت المغرب غروب الشمس وقتا واحدا ، هذا مذهب مالك والأوزاعي {[54688]} والشافعي {[54689]} .

وقال الثوري وأصحاب الرأي : وأحمد وإسحاق : آخر وقتها الشفق {[54690]} .

وأول وقت العشاء إذا غاب الشفق إجماعا {[54691]} .

والشفق الحمرة في قول مالك والثوري وابن أبي ليلى {[54692]} والشافعي وأحمد وأبي ثور ويعقوب ومحمد {[54693]} . وهو قول أهل اللغة ، يقال ثوب مشفق أي : محمر {[54694]} .

وروي عن أنس وابن عباس وأبي هريرة أن الشفق : البياض وهو قول النعمان وزفر {[54695]} {[54696]} .

وقال النخعي {[54697]} : آخر وقتها إلى ربع الليل .

وعن عمر وأبي هريرة وعمر بن عبد العزيز {[54698]} : أن آخر وقتها ثلث الليل {[54699]} .

وبه قال الشافعي {[54700]} وقد كان يقول آخر وقتها نصف الليل ولا يفوت إلى الفجر .

وعن عمر أيضا أن آخر وقتها نصف الليل ، وبه قال الثوري وابن المبارك {[54701]} وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي {[54702]} :

وعن ابن عباس وعطاء وعكرمة وطاوس : أن آخر وقتها إلى طلوع الفجر {[54703]} .

وأول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر إجماعا {[54704]} .

وأجمعوا على أن من صلى بعد الفجر وقبل طلوع الشمس أنه قد صلى الصبح في وقتها .


[54660]:النور: 56
[54661]:انظر: الجامع للقرطبي 14/14
[54662]:هو أبو راشد نافع بن الأزرق بن قيس الذي ينتسب إليه الأزارقة من الخوارج، كان في أول أمره من أصحاب ابن عباس رضي الله عنه ثم تخلى عنه. انظر: جمهرة أنساب العرب 311.
[54663]:هذا القول هو لأبي رزين وليس لزر. انظر: جامع البيان 21/29، والمستدرك للحاكم 2/410، ومجمع الزوائد للهيثمي 7/ 92، والدر المنثور 6/488، وفتح القدير 4/222، وروح المعاني 21/28
[54664]:انظر: جامع البيان 21/ 29، والجامع للقرطبي 14/14 والدر المنثور 6/ 488، والملاحظ أن القول غير تام عند مكي. فقد أورده الطبري في جامع البيان كما يلي: عن ابن عباس قال جمعت الصلوات "فسبحان الله حين تمسون": المغرب والعشاء" وحين تصبحون؟ صلاة الصبح، "وعشيا" :صلا العصر، "وحين تظهرون صلاة الظهر".
[54665]:انظر: جامع البيان 21/29
[54666]:لم أقف عليه
[54667]:انظر: الأم: للشافعي 1/72، والمقدمات لابن رشد 1/105، وتحفة الفقهاء للسمرقندي 100، والمبسوط للسرخسي 1/142، والمغني لابن قدامة 1/378
[54668]:انظر بداية المجتهد 1/67 والمغني لابن قدامة 1/382
[54669]:هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري من بني ثور، أبو عبد الله أمير المؤمنين في الحديث، ولد ونشأ بمكة ثم الكوفة ثم المدينة ثم البصرة التي توفي بها سنة 161 هـ، انظر: طبقات ابن سعد 6/371، وحلية الأولياء 6/356، 387، وصفة الصفوة 3/147، ووفيات الأعيان 2/386، 266
[54670]:هو إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي البغدادي الفقيه صاحب الإمام الشافعي روى عن إسماعيل بن عيلة وسفيان بن عيينة، والإمام الشافعي. توفي سنة 240 هـ انظر: وفيات الأعيان 1/26، 2، وتذكرة الحفاظ 2/513،529
[54671]:انظر: الأم للشافعي 1/72، وبداية المجتهد 1/67، والمغني 1/382
[54672]:هو أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري الكوفي صاحب أبي حنيفة. سمع من هشام بن عروة وأبي إسحاق الشيباني، وعطاء بن السائب، وروى عنه محمد بن الحسن، وأحمد بن حنبل، ويحي بن معين وغيرهم. عد من أحفظ أصحاب أبي حنيفة للحديث، وذكره ابن حبان في الثقات توفي سنة 182 هـ تذكرة الحفاظ 1/293، ولسان الميزان 6/300، وميزان الاعتدال 4/447
[54673]:هو أبو عبد الله محمد بن الحسن بن فرقد من موالي بني شيبان إمام في الفقه والأصول وهو صاحب أبي حنيفة، ولد بواسط ونشأ بالكوفة وتوفي سنة 189 هـ انظر: وفيات الأعيان 4/844، 567، والفهرست لابن النديم 301
[54674]:انظر: المبسوط للسرخسي 1/142، وتحفة الفقهاء للسمرقندي 100، والمغني لابن قدامة 1/382
[54675]:هو أبو محمد عطاء بن أبي رباح القرشي، مفسر وفقيه، سمع من أبي هريرة وابن عباس، وروي عنه ابن جريج وابن إسحاق وغيرهما توفي بمكة سنة 114 هـ انظر: حلية الأولياء 3/310، 244، وصفة الصفوة 1/211، 209 وتذكرة الحفاظ 1/98، 90
[54676]:انظر: المغني لابن قدامة 1/382
[54677]:هو أبو عبد الرحمن طاوس بن كيسان اليماني من أكابر التابعين، سمع من عائشة وأبي هريرة وروي عنه عمر بن شعيب والزهري. وثقه بن معين. توفي سنة 106 هـ. انظر: حلية الأولياء 4/4، 249، وصفة الصفوة 2/ 284، 243، وتقريب التهذيب 1/377، 14
[54678]:انظر: المغني لابن قدامة 1/382.
[54679]:هو أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطي، الإمام المشهور والفقيه المجتهد، وأحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة، ولد ونشأ بالكوفة. انظر: وفيات الأعيان 5/405، رقم 765، وتذكرة الحفاظ 1/168، رقم 163، وغاية النهاية 2/342، رقم 3745
[54680]:انظر: المبسوط للسرخسي 1/142، وتحفة الفقهاء للسمرقندي 100، والمغني 1/384
[54681]:إسحاق هو: أبو محمد إسحاق بن إبراهيم بن مخلد المعروف بابن راهوية، إمام حافظ وفقيه سمع من الشافعي وابن المبارك وروى عنه الشيخان وأبو داود، توفي سنة 238هـ، انظر ميزان الاعتدال 1/182، 733, وتقريب التهذيب 1/55، 334
[54682]:انظر: الأم للشافعي 1/73، وبداية المجتهد 1/67، والمغني لابن قدامة 1/384.
[54683]:انظر: المبسوط للسرخسي 1/143، وبداية المجتهد 1/68، والمغني لابن قدامة 1/384
[54684]:تكملة لازمة.
[54685]:انظر: الأم للشافعي 1/73، والمغني لابن قدامة 1/384، وتحفة الفقهاء للسمرقندي 101.
[54686]:أحمد: هو أبو عبد الله أحمد بن حنبل إمام المذهب الحنبلي وأحد الأئمة الأربعة توفي سنة 241، انظر: حلية الأولياء 9/161، 445 وطبقات الحنابلة 1/4
[54687]:انظر: المغني لابن قدامة 1/385
[54688]:الأوزاعي هو: أبو عمر عبد الرحمن بن عمرو بن محمد الدمشقي، فقيه محدث إمام روي عن قتادة وعطاء، وروي عنه يحيى ابن أبي كثير، ويحيى بن حمزة، توفي سنة 157 هـ انظر: تذكرة الحفاظ 183/187، وتقريب التهذيب 1/493، 1064
[54689]:انظر: الأم للشافعي 1/73. وبداية المجتهد 1/69 والمغني لابن قدامة 1/390 والمبسوط للسرخسي 1/144 وتحفة الفقهاء للسمرقندي 101
[54690]:انظر: بداية المجتهد 1/69 والمغني 1/390 والمبسوط 1/145، وتحفة الفقهاء 101.
[54691]:انظر: الأم للشافعي 1/74، والمقدمات لابن رشد 1/106 وتحفة الفقهاء 101
[54692]:ابن أبي ليلى: هو أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الكوفي، الفقيه المقرئ حدث عن الشعبي وعطاء وغيرهما وحدث عنه شعبة والسفيانان ووكيع، مناقبه كثيرة. توفي سنة 148هـ انظر: وفيات الأعيان 4/179، 564 تذكرة الحفاظ 1/179، 165
[54693]:انظر: الأم للشافعي 1/74، والمقدمات لابن رشد 1/106، وبداية المجتهد 1/69، والمعني 1/390 والمبسوط 1/145، وتحفة الفقهاء 102
[54694]:انظر: مادة "شفق" في الصحاح 4/1501، واللسان 10/180، والتاج 6/394.
[54695]:هو زفر بن الهذيل بن قيس العنبري، أبو الهذيل، فقيه كبير من أصحاب أبي حنيفة أصله من أصبهان، أقام بالبصرة وولي قضاءها، وجمع بين العلم والعبادة والرأي والحديث وهو ثقة في الحديث، انظر: شذرات الذهب 1/243
[54696]:انظر: المبسوط 1/144، وتحفة الفقهاء 100، وبداية المجتهد 1/69، والمغني 1/392.
[54697]:هو إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود أبو عمران النخعي الكوفي، فقيه مشهور، روي عن الأسود بن يزيد، وعلقمة بن قيس، وقرأ عليه طلحة بن مطرف. توفي سنة 96 هـ انظر: حلية الأولياء 4/219، 273 وصفة الصفوة 3/86، 112، وتذكرة الحفاظ 1/73، 70
[54698]:هو أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي، الحافظ الإمام العادل، لقب ب"خامس الخلفاء الراشدين" مناقبه كثيرة. روي عن أنس وابن المسيب وروي عنه حميد والزهري توفي سنة 101 هـ انظر: حلية الأولياء 5/253، 323، وصفة الصفوة 2/113، 173، وتذكرة الحفاظ 1/118، 104
[54699]:انظر: المغني 2/393
[54700]:انظر: الأم 1/74، وبداية المجتهد 1/70 والمبسوط 1/145
[54701]:ابن المبارك هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي بالولاء التيميمي المروزي، حافظ جمع بين الفقه والحديث والعربية وأيام الناس وله تصانيف كثيرة: توفي سنة 181 هـ انظر: حلية الأولياء 8/162، 397، وتذكرة الحفاظ 1/274، 260
[54702]:انظر: المغني 1/393 والمبسوط 1/145
[54703]:انظر: المغني 1/393
[54704]:انظر: بداية المجتهد 1/70