( فكذبوه . فنجيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف . وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا )
هكذا باختصار . نجاته هو ومن معه في الفلك - وهم المؤمنون . واستخلافهم في الأرض على قلتهم . وإغراق المكذبين على قوتهم وكثرتهم :
( فانظر كيف كان عاقبة المنذرين ) . .
لينظر من ينظر ( عاقبة المنذرين ) المكذبين وليتعظ من يتعظ بعاقبة المؤمنين الناجين .
ويجعل السياق بإعلان نجاة نوح ومن معه ، لأن نوحاً والقلة المؤمنة كانوا يواجهون خطر التحدي للكثرة الكافرة . فلم تكن النتيجة مجرد هلاك هذه الكثرة ، بل كان قبلها نجاة القلة من جميع الأخطار ؛ واستخلافها في الأرض ، تعيد تعميرها وتجديد الحياة فيها ، وتأدية الدور الرئيسي فترة من الزمان .
هذه سنة اللّه في الأرض . وهذا وعده لأوليائه فيها . . فإذا طال الطريق على العصبة المؤمنة مرة ، فيجب أن تعلم أن هذا هو الطريق ، وأن تستيقن أن العاقبة والاستخلاف للمؤمنين ، وألا تستعجل وعد اللّه حتى يجيء وهي ماضية في الطريق . . واللّه لا يخدع أولياءه - سبحانه - ولا يعجز عن نصرهم بقوته ، ولا يسلمهم كذلك لأعدائه . . ولكنه يعلمهم ويدربهم ويزودهم - في الابتلاء - بزاد الطريق .
وقوله { فكذبوه } الآية ، إخبار من الله عز وجل عن حال قوم نوح المكذبين له ، وفي ضمن ذلك الإخبار توعد للكفار بمحمد صلى الله عليه وسلم وضرب المثال لهم ، أي أنتم بحال هؤلاء من التكذيب فسيكونون بحالهم من النقمة والتعذيب ، و { الفلك } : السفينة ، والمفسرون وأهل الآثار مجمعون على أن سفينة نوح كانت واحدة ، و { الفلك } لفظ الواحد منه ولفظ الجمع مستو وليس به وقد مضى شرح هذا في الأعراف ، و { خلائف } جمع خليفة ، وقوله { فانظر } مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم يشاركه في معناها جميع الخلق ، وفي هذه الآية أنه أغرق جميع أهل الأرض كما قال بعض الناس لاستوى نوح ومحمد صلى الله عليه وسلم في البعث إلى أهل الأرض ، ويرد ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : «أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي » الحديث{[6181]} . ويترجح بهذا النظر أن بعثة نوح والغرق إنما كان{[6182]} في أهل صقع لا في أهل جميع الأرض .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.