قوله تعالى : { إذ قالوا ليوسف } ، اللام فيه جواب القسم تقديره : والله ليوسف ، { وأخوه } ، بنيامين ، { أحب إلى أبينا منا } ، كان يوسف وأخوه بنيامين من أم واحدة ، وكان يعقوب عليه السلام شديد الحب ليوسف عليه السلام ، وكان إخوته يرون منه من الميل إليه مالا يرونه مع أنفسهم فقالوا هذه المقالة ، { ونحن عصبة } ، أي جماعة وكانوا عشرة . قال الفراء : العصبة هي العشرة فما زاد . وقيل : العصبة ما بين الواحد إلى العشرة . وقيل : ما بين الثلاثة إلى العشرة . وقال مجاهد : ما بين العشرة إلى خمسة عشر . وقيل : ما بين العشرة إلى الأربعين . وقيل : جماعة يتعصب بعضها لبعض لا واحد لها من لفظها كالنفر والرهط . { إن أبانا لفي ضلال مبين } ، أي خطأ بين في إيثاره يوسف وأخاه علينا ، وليس المراد منه الضلال عن الدين ، ولو أرادوه لكفروا به ، بل المراد منه : الخطأ في تدبير أمر الدنيا ، يقولون : نحن أنفع له في أمر الدنيا وإصلاح أمر معاشه ورعي مواشيه ، فنحن أولى بالمحبة منه ، فهو مخطئ في صرف محبته إليه . { مبين } بضم التنوين أن قرأها كثير ونافع والكسائي وقرأ الباقون : { مبين } بكسر التنوين .
ترى حدثهم يوسف عن رؤياه كما يقول كتاب " العهد القديم " ؟ إن السياق هنا يفيد أن لا . فهم يتحدثون عن إيثار يعقوب ليوسف وأخيه عليهم . أخيه الشقيق . ولو كانوا قد علموا برؤياه لجاء ذكرها على ألسنتهم ، ولكانت أدعى إلى أن تلهج ألسنتهم بالحقد عليه . فما خافه يعقوب على يوسف لو قص رؤياه على إخوته قد تم عن طريق آخر ، وهو حقدهم عليه لإيثار أبيهم له . ولم يكن بد أن يتم لأنه حلقة في سلسلة الرواية الكبرى المرسومة ، لتصل بيوسف إلى النهاية المرسومة ، والتي تمهد لها ظروف حياته ، وواقع أسرته ، ومجيئه لأبيه على كبرة . وأصغر الأبناء هم أحب الأبناء ، وبخاصة حين يكون الوالد في سن الكبر . كما كان الحال مع يوسف وأخيه ، وإخوته من أمهات .
( إذ قالوا : ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة ) . .
أي ونحن مجموعة قوية تدفع وتنفع . .
( إن أبانا لفي ضلال مبين ) . .
إذ يؤثر غلاما وصبيا صغيرين على مجموعة الرجال النافعين الدافعين !
وقوله : { وأخوه } يريدون به : يامين - وهو أصغر من يوسف - ويقال له : بنيامين ، وقيل : كان شقيق يوسف وكانت أمهما ماتت ، ويدل على أنهما شقيقان تخصيص الأخوة لهما ب { أخوة } وهي دلالة غير قاطعة وكان حب يعقوب ليوسف عليه السلام ويامين لصغرهما وموت أمهما ، وهذا من حب الصغير هي فطرة البشر ؛ وقد قيل لابنة الحسن : أي بنيك أحب إليك ؟ قالت : الصغير حتى يكبر والغائب حتى يقدم ، والمريض حتى يفيق .
وقولهم : { ونحن عصبة } أي نحن جماعة تضر وتنفع ، وتحمي وتخذل{[6568]} ، أي لنا كانت تنبغي المحبة والمراعاة . و «العصبة » في اللغة : الجماعة ، قيل : من عشرة إلى خمسة عشر ، وقيل : من عشرة إلى أربعين ، وقال الزجاج : العشرة ونحوهم ، وفي الزهراوي : الثلاثة : نفر - فإذا زادوا فهم : رهط إلى التسعة ، فإذا زادوا فهم : عصبة ، ولا يقال لأقل من عشرة : عصبة . وقولهم : { لفي ضلال مبين } أي لفي اختلاف وخطأ في محبة يوسف وأخيه ، وهذا هو معنى الضلال ، وإنما يصغر قدره أو يعظم بحسب الشيء الذي فيه يقع الائتلاف . و { مبين } معناه : يظهر للمتأمل .
وقرأ أبو عمرو وعاصم وابن عامر وحمزة «مبين اقتلوا » بكسر التنوين في الوصل لالتقاء ساكن التنوين والقاف ، وقرأ نافع وابن كثير والكسائي «مبين اقتلوا » بكسر النون وضم إتباعاً لضمة التاء ومراعاة لها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.