{ إذ } ، أي : واذكر إذ { قالوا } ، أي : بعض إخوة يوسف لبعض بعد أن بلغتهم الرؤيا وقالوا : ما يرضى أن تسجد له إخوته حتى يسجد له أبواه { ليوسف وأخوه } ، أي : بنيامين { أحب إلى أبينا منا } اللام لام الابتداء وفيها تأكيد وتحقيق لمضمون الجملة أردوا أنّ زيادة محبته لهما أمر ثابت لا شبهة فيه ، وخبر المبتدأ أحب ووحد ؛ لأن أفعل يستوي فيه الواحد وما فوقه مذكراً كان أو مؤنثاً إذا لم يعرّف أو لم يضف ، وقيل : اللام لام قسم تقديره والله ليوسف ، وإنما قالوا : وأخوه وهم جميعاً إخوته ؛ لأنّ أمّهما كانت واحدة ، والواو في قولهم : { ونحن عصبة } واو الحال ، أي : يفضلهما في المحبة علينا وهما اثنان صغيران لا كفاية فيهما ولا منفعة ، ونحن جماعة أقوياء نقوم بمرافقه فنحن أحق بزيادة المحبة منهما لفضلنا بالكثرة والمنفعة عليهما ، والعصبة والعصابة العشرة فما فوقها . وقيل : إلى الأربعين سموا بذلك ؛ لأنهم جماعة تعصب بهم الأمور ويستكفى بهم النوائب { إنّ أبانا لفي ضلال } ، أي : خطأ { مبين } ، أي : بيّن في إيثاره حب يوسف وأخيه علينا والقرب المقتضي للحب في كلنا واحد ؛ لأنّا في البنوّة سواء ولنا مزية تقتضي تفضيلنا وهي إنا عصبة لنا من النفع له والذّب عنه والكفاية ما ليس لهما .
تنبيه : هاهنا سؤالات : الأوّل : إنّ من المعلوم أنّ تفضيل بعض الأولاد على بعض يورث الحقد والحسد فلم أقدم يعقوب عليه السلام على ذلك ؟ أجيب : بأنه إنما فضلهما في المحبة والمحبة ليست في وسع البشر فكان معذوراً فيها ولا يلحقه في ذلك لوم .
الثاني : كيف اعترضوا على أبيهم وهم يعلمون أنه نبيّ وهم مؤمنون به ؟ وأجيب : بأنهم وإن كانوا مؤمنين بنبوّته لكن جوّزوا أن يكون فعله باجتهاد ، ثم أنّ اجتهادهم أدّى إلى تخطئة أبيهم في ذلك الاجتهاد لكونهم أكبر سناً وأكثر نفعاً وغاب عنهم أنّ تخصيصهما بالبرّ كان لوجوه : أحدها : أنّ أمّهما ماتت ، ثانيها : أنه كان في يوسف من آثار الرشد والنجابة ما لم يجده في سائر أولاده ، ثالثها : أنه وإن كان صغيراً إلا أنه كان يخدم أباه بأنواع من الخدمة أعلى وأشرف مما كان يصدر عن سائر أولاده ، والحاصل أنّ هذه المسألة كانت اجتهادية وكانت مخلوطة بميل النفس وموجبات الفطرة فلا يلزم من وقوع الاختلاف فيها طعن أحد الخصمين في دين الآخر .
الثالث : أنهم نسبوا أباهم إلى الضلال عن رعاية مصالح الدنيا والبعد عن طريق الرشد لا الضلال في الدين . الرابع : أنّ قولهم : { ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا } محض حسد ، والحسد من أمّهات الكبائر لاسيما وقد أقدموا بسبب ذلك الحسد على أمورٍ مذمومة منها قولهم : { اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.