التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{إِذۡ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰٓ أَبِينَا مِنَّا وَنَحۡنُ عُصۡبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ} (8)

قوله تعالى { لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين إذ قالوا ليوسف وأخوه أحبّ إلى أبينا منّا ونحن عُصبة إن أبانا لفي ضلال مبين } .

قال الشيخ الشنقيطي : الظاهر أن مراد أولاد يعقوب بهذا الضلال الذي وصفوا به أباهم -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام في هذه الآية الكريمة -إنما هو الذهاب عن علم حقيقة الأمر كما ينبغي . ويدل لهذا ورود الضلال بهذا المعنى في القرآن وفي كلام العرب ، فمنه بهذا المعنى قوله تعالى عنهم مخاطبين أباهم : { قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم } وقوله تعالى في نبينا صلى الله عليه وسلم : { ووجدك ضالا فهدى } أي لست عالما بهذه العلوم التي لا تعرف إلا بالوحي ، فهداك إليها وعلمكها بما أوحى إليك من هذا القرآن العظيم . ومنه بهذا المعنى قول الشاعر :

وتظن سلمى أنني أبغي بها *** بدلا أراها في الضلال تهيم .

يعني : أنها غير عالمة بالحقيقة في ظنها أنه يبغي بها بدلا وهو لا يبغي بها بدلا . وليس مراد أولاد يعقوب الضلال في الدين ، إذ لو أرادوا ذلك لكانوا كفارا ، وإنما مرادهم أن أباهم في زعمهم في ذهاب عن إدراك الحقيقة ، وإنزال الأمر منزلته اللائقة به ، حيث آثر اثنين على عشرة ، مع أن العشرة أكثر نفعا له ، وأقدر على القيام بشؤونه وتدبيره أموره .