وقوله تعالى : ( إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ) الآية دلالة أن لا بأس للرجل أن يخص بعض ولده بالعطف عليه والميل إليه ، إذا كان فيه معنى ، ليس ذلك في غيره . ولهذا قال أصحابنا : إنه لا بأس للرجل أن يخص بعض ولده بالهبة له أو الصدقة عليه ، إذا لم يقصد بها الجور على غيرهم من الأولاد .
ثم يحتمل تخصيص يعقوب يوسف وأخاه بالحب لهما وجوها :
أحدها : لما رأى فيهما من الضعف في [ نفسيهما والعجز في بدنيهما ازدادت ][ في الأصل وم : لأنفسهم والعجز في أبدانهما فازدادت ] شفقته لهما ، وعطفه عليهما لذلك ، وهذا مما يكون في ما بين الخلق ، وكان ذلك منه لهما لصغرهما ، وهذا أيضا معروف في الناس : أن الصغار من الأولاد يكونون[ في الأصل وم : يكون ] عندهم أحب ، وقلوبهم إليهم [ ميل ، وعليهم أعطف ][ في الأصل : وعليه ، في وم : أميل وعليه ] ولهم أرحم من الكبار[ في الأصل وم : الكبائر ] .
والثاني[ في الأصل وم : أو ] : خصهما بذلك لفضل خصوصية كانت لهما من جهة الدين أو العلم أو غيرهما[ في الأصل وم : غيره ] ؛ أمره الله بذلك لذلك من دون غيرهما .
والثالث[ في الأصل وم : أو ] : لما يشير يعقوب بنبوة يوسف ، فكان يفضله على سائر أولاده ، ويؤثره عليهم لذلك . وإنما ( قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا ) بآثار تظهر عندهم ، وإلا حقيقة المحبة لا تعرف .
وقوله تعالى : ( ونحن عصبة ) قيل : العصبة الجماعة ، وقال أصحابنا : إن التسعة مع الإمام منعة يستوجبون ما يستوجب السرية إذا دخلت دار الحرب ، فغنمت غنائم ، يخمس منها .
وقوله تعالى : ( ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين ) لم يعنوا ضلال الدين ؛ إنما قالوا ذلك ، والله أعلم ، إنا جماعة ، نقدر على دفع من يروم الضرر به ، ويقصد قصد الشر بنفسه وماله ، ونحن أولو قوة ؛ بنا يقوم معاشه وأسبابه ، فكيف يؤثر هؤلاء علينا . وكذلك قوله : ( ووجدك ضالا فهدى )[ الضحى : 7 ] لم يرد به ضلال الدين ، ولكن وجها آخر .
وقالوا : لما كانت [ له ][ ساقطة من الأصل وم ] منافع من أنفسهم ، لم تكن تلك المنافع من يوسف وأخيه . وأبدا إنما يؤثر المرء حب من له منافع من قبله لا حب من لا منفعة له منه ، فهو فيه في ضلال مبين حين[ في الأصل وم : حيث ] يؤثر من لا منفعة له منه على من كانت له منه منافع وأمثاله ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.