إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِذۡ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰٓ أَبِينَا مِنَّا وَنَحۡنُ عُصۡبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ} (8)

{ إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ } أي شقيقُه بنيامينُ وإنما لم يذكَرْ باسمه تلويحاً بأن مدار المحبةِ أُخوّتُه ليوسف من الطرفين ، ألا يُرى إلى أنهم كيف اكتفَوا بإخراج يوسفَ من البين من غير تعرُّضٍ له حيث قالوا : اقتلوا يوسف { أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا } وحّد الخبر مع تعدد المبتدأ لأن أفعل من كذا لا يفرّق فيه بين الواحدِ وما فوقه ، ولا بين المذكر والمؤنث ، نعم إذا عُرّف وجب الفرقُ وإذا أضيف جاز الأمران ، وفائدةُ لام الابتداءِ في يوسف تحقيقُ مضمونِ الجملة وتأكيدُه { وَنَحْنُ عُصْبَةٌ } أي والحالُ أنا جماعةٌ قادرون على الحل والعقد أحقاءُ بالمحبة ، والعُصبة والعِصابة العشَرةُ من الرجال فصاعداً سُمّوا بذلك لأن الأمورَ تُعصَب بهم { إِنَّ أَبَانَا } في ترجيحهما علينا في المحبة مع فضلنا عليهما وكونهما بمعزل من كفاية الأمورِ بالصِّغر والقلة { لفي ضلال } أي ذهب عن طريق التعديلِ اللائقِ وتنزيلِ كلَ منا منزلتَه { مُبِينٍ } ظاهرِ الحال . روي أنه كان أحبَّ إليه لما يرى فيه من مخايل الخيرِ وكان إخوتُه يحسُدونه فلما رأى الرؤيا ضاعف له المحبة بحيث لم يصبِر عنه فتضاعف حسدُهم حتى حملهم على مباشرة ما قُص عنهم .