قوله تعالى : { وعلامات } ، يعني : معالم الطرق . قال بعضهم : هاهنا تم الكلام ثم ابتدأ { وبالنجم هم يهتدون } . قال محمد بن كعب ، والكلبي : أراد بالعلامات الجبال ، فالجبال علامات النهار ، والنجوم علامات الليل . وقال مجاهد : أراد بالكل النجوم ، منها ما يكون علامات ومنها ما يهتدون به . قال السدي : أراد بالنجم ، الثريا ، وبنات نعش ، والفرقدين ، والجدي ، يهتدي بها إلى الطرق والقبلة . وقال قتادة : إنما خلق الله النجوم لثلاثة أشياء : لتكون زينة للسماء ، ومعالم للطرق ، ورجومًا للشياطين ، فمن قال غير هذا فقد تكلف مالا علم له به .
{ وعلامات } معالم يستدل بها السابلة من جبل وسهل وريح ونحو ذلك . { وبالنجم هم يهتدون } بالليل في البراري والبحار ، والمراد بالنجم الجنس ويدل عليه قراءة " وبالنُّجْمِ " بضمتين وضمة وسكون على الجمع . وقيل الثريا والفرقدان وبنات نعش والجدي ، ولعل الضمير لقريش لأنهم كانوا كثيري الأسفار مشهورين بالاهتداء في مسايرهم بالنجوم ، وإخراج الكلام عن سنن الخطاب وتقديم النجم وإقحام الضمير للتخصيص كأنه قيل : وبالنجم خصوصا هؤلاء خصوصا يهتدون ، فالاعتبار بذلك والشكر عليه ألزم لهم أوجب عليهم .
العلامات : الأمارات التي ألهم الله الناس أن يضعوها أو يتعارفوها لتكون دلالة على المسافات والمسالك المأمونة في البرّ والبحر فتتبعها السابلة .
وجملة { وبالنجم هم يهتدون } معطوفة على جملة { وألقى في الأرض رواسي } ، لأنها في معنى : وهداكم بالنجم فأنتم تهتدون به . وهذه منّة بالاهتداء في الليل لأن السبيل والعلامات إنما تهدي في النهار ، وقد يضطرّ السالك إلى السير ليلاً ؛ فمواقع النجوم علامات لاهتداء الناس السائرين ليلاً تعرف بها السموات ، وأخصّ من يهتدي بها البحّارة لأنهم لا يستطيعون الإرساء في كل ليلة فهم مضطرّون إلى السير ليلاً ، وهي هداية عظيمة في وقت ارتباك الطريق على السائر ، ولذلك قدم المتعلق في قوله تعالى : { وبالنجم } تقديماً يفيد الاهتمام ، وكذلك بالمسند الفعلي في قوله تعالى : { هم يهتدون } .
وعدل عن الخطاب إلى الغيبة التفاتاً يومىء إلى فريق خاص وهم السيّارة والملاّحون فإن هدايتهم بهذه النجوم لا غير .
والتعريف في « النجم » تعريف الجنس . والمقصود منه النجوم التي تعارفها الناس للاهتداء بها مثل القطب . وتقدم في قوله تعالى : { وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها } في [ سورة الأنعام : 97 ] .
وتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي في قوله تعالى { هم يهتدون } لمجرّد تقوي الحكم ، إذ لا يسمح المقام بقصد القصر وإن تكلّفه في « الكشاف » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.