وقوله : { وَعَلامَاتٍ } أي : وضع فيها علاماتٍ .
قوله : " وبِالنَّجْمِ " متعلق ب " يَهْتَدُون " والعامة على فتح النون ، وسكون الجيم ، بالتوحيد ، فقيل : المراد به : كوكب بعينه وهو الجَدْي أو الثُّريَّا .
وقيل : بل هو اسم جنس ، وقرأ{[19751]} ابنُ وثَّاب : بضمهما ، والحسن : بضمِّ النون فقط ، وعكس بعضهم النقل عنهما .
فأمَّا قراءة الضمتين ، ففيها تخريجان :
أظهرهما : أنه جمع صريح ؛ لأنَّ فعلاء يجمع على فعل ؛ نحو : " سَقْفٌ وسُقُف ، وزَهْر وزُهُر " .
والثاني : أنَّ أصله النجوم ، وفعل يجمع على فعول ؛ نحو : فَلْس وفُلُوس ، ثم خفِّف بحذف الواو ، كما قالوا : أسُد وأسُود وأسْد .
قال أبو البقاء ؛{[19752]} " وقالوا في " خِيَام : خُيُم " يعني أنَّه نظيرهُ من حيث حذفوا فيه حرف المدِّ .
وقال ابن عصفورٍ : " إنَّ قولهم : " النُّجُم " من ضرورات الشِّعر " وأنشد : [ الرجز ]
3306-إنَّ الذي قَضَى بِذَا قاضٍ حَكمْ *** أن تَرِدَ الماءَ إذَا غَابَ النُّجُمْ{[19753]}
يريد النجوم . كقوله : [ الرجز ]
3307- حَتَّى إذَا بُلَّتْ حَلاقِيمُ الحُلُقْ{[19754]} *** يريد الحُلُوق .
وأمَّا قراءة الضمِّ ، والسكون ، ففيها وجهان :
أحدهما : أنها تخفيف من الضمِّ .
والثاني : أنها لغة مستقلة . وتقديم كلِّ من الجارِّ ، والمبتدأ ، يفيد الاختصاص ، قال الزمخشريُّ - رحمه الله- : " فإن قلت : قوله تعالى : { وبالنجم هُمْ يَهْتَدُونَ } مخرج عن سنن الخطاب مقدم فيه " النجم " مقحم فيه " هُمْ " كأنه قيل : وبالنجم خصوصاً هؤلاء خصوصاً ، فمن المراد بهم ؟ .
قلت : كأنه أراد قريشاً كان لهم اهتداءٌ بالنجوم في مسائرهم ، وكان لهم به علمٌ لم يكن لغيرهم ؛ فكان الشكر عليهم أوجب ، ولهم ألزم " .
وقال بعض المفسرين : قوله تعالى : { وبالنجم هُمْ يَهْتَدُونَ } مختصٌّ بسفرِ البحر ؛ لأنه تعالى لما ذكر صفة البحر ، ومنافعه ، بيَّن أنَّ من يسير فيه يهتدون بالنجم .
وقال بعضهم : هو مطلقٌ في سفر البحر والبرِّ .
المراد بالعلاماتِ : معالمُ الطريق ، وهي الأشياء التي يهتدى بها ، وهذه العلامات هي الجبالُ والرياحُ .
قال ابنُ الخطيب{[19755]} : " ورأيتُ جماعة يشمُّون التراب ؛ فيعرفون الطرقان بشمِّه " .
قال الأخفش - رحمه الله- : تم الكلام عند قوله : " وعَلامَاتٍ " ثم ابتدأ : { وبالنجم هُمْ يَهْتَدُونَ } .
وقال محمد بن كعبٍ القرظيِّ ، والكلبيُّ - رحمهما الله- : الجبالُ علاماتُ النَّهار ، والنجوم علامات الليل{[19756]} .
قال السديُّ : أراد بالنجم : الثُّريَّا ، وبنات نعش ، والفرقدين ، والجدي ، يهتدى بها إلى الطرق ، والقبلة{[19757]} .
قال القرطبيُّ : سأل ابنُ عباس رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرَّف وكرَّم - عن النَّجم ؛ فقال - صلوات الله وسلامه عليه- :
" هُوَ الجَديُ عليْهِ قِبْلتكُمْ وبِهِ تَهْتَدونَ في بَرِّكُمْ وبَحْرِكُمْ {[19758]} " ، وذلك أنَّ آخر الجدي بناتُ نعشٍ الصغرى ، والقطب الذي تستوي عليه القبلة بينهما .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.