المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَجَآءَ مِنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِينَةِ رَجُلٞ يَسۡعَىٰ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱتَّبِعُواْ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (20)

20- وأقبل من أبعد مكان بالمدينة رجل يُسرع نحو أهل المدينة ، قال : يا قوم ، اتبعوا المرسلين من الله إليكم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَجَآءَ مِنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِينَةِ رَجُلٞ يَسۡعَىٰ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱتَّبِعُواْ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (20)

قوله تعالى : { وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى } وهو جبيب النجار ، وقال السدي : كان قصاراً . وقال وهب : كان رجلاً يعمل الحرير ، وكان سقيماً قد أسرع فيه الجذام ، وكان منزله عند أقصى باب من أبواب المدينة ، وكان مؤمناً ذا صدقة يجمع كسبه إذا أمسى فيقسمه نصفين ، فيطعم نصفاً لعياله ويتصدق بنصف ، فلما بلغه أن قومه قد قصدوا قتل الرسل جاءهم . { قال يا قوم اتبعوا المرسلين* }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَجَآءَ مِنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِينَةِ رَجُلٞ يَسۡعَىٰ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱتَّبِعُواْ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (20)

تلك كانت الاستجابة من القلوب المغلقة على دعوة الرسل . وهي مثل للقلوب التي تحدثت عنها السورة في الجولة الأولى ؛ وصورة واقعية لذلك النموذج البشري المرسوم هناك .

فأما النموذج الآخر الذي اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب ، فكان له مسلك آخر وكانت له استجابة غير هذه الاستجابة :

وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى ؛ قال : يا قوم اتبعوا المرسلين . اتبعوا من لا يسألكم أجراً وهم مهتدون . ومالي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون ? أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئاً ولا ينقذون ? إني إذاً لفي ضلال مبين . إني آمنت بربكم فاسمعون . .

إنها استجابة الفطرة السليمة لدعوة الحق المستقيمة . فيها الصدق . والبساطة . والحرارة . واستقامة الإدراك . وتلبية الإيقاع القوي للحق المبين .

فهذا رجل سمع الدعوة فاستجاب لها بعد ما رأى فيها من دلائل الحق والمنطق ما يتحدث عنه في مقالته لقومه . وحينما استشعر قلبه حقيقة الإيمان تحركت هذه الحقيقة في ضميره فلم يطق عليها سكوتاً ؛ ولم يقبع في داره بعقيدته وهو يرى الضلال من حوله والجحود والفجور ؛ ولكنه سعى بالحق الذي استقر في ضميره وتحرك في شعوره . سعى به إلى قومه وهم يكذبون ويجحدون ويتوعدون ويهددون . وجاء من أقصى المدينة يسعى ليقوم بواجبه في دعوة قومه إلى الحق ، وفي كفهم عن البغي ، وفي مقاومة اعتدائهم الأثيم الذي يوشكون أن يصبوه على المرسلين .

وظاهر أن الرجل لم يكن ذا جاه ولا سلطان . ولم يكن في عزوة من قومه أو منعة من عشيرته . ولكنها العقيدة الحية في ضميره تدفعه وتجيء به من أقصى المدينة إلى أقصاها . .

( قال : يا قوم اتبعوا المرسلين . اتبعوا من لا يسألكم أجراً وهم مهتدون ) . .