{ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ } من دون الله ، أي : ذهبت عقائدهم وأعمالهم ، التي أفنوا فيها أعمارهم على عبادة غير الله ، وظنوا أنها تفيدهم ، وتدفع عنهم العذاب ، وتشفع لهم عند الله ، فخاب سعيهم ، وانتقض ظنهم ، ولم تغن عنهم شركاؤهم شيئًا { وَظَنُّوا } أي : أيقنوا في تلك الحال { مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ } أي : منقذ ينقذهم ، ولا مغيث ، ولا ملجأ ، فهذه عاقبة من أشرك بالله غيره ، بينها الله لعباده ، ليحذروا الشرك به .
{ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ } أي : ذهبوا فلم ينفعوهم ، { وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ } أي : وظن المشركون يوم القيامة ، وهذا بمعنى اليقين ، { مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ } أي : لا محيد لهم عن عذاب الله ، كقوله تعالى : { وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا } [ الكهف : 53 ] .
{ وضل عنهم } أي نسوا ما كانوا يقولون في الدنيا ويدعون من الآلهة والأصنام ، ويحتمل أن يريد : { وضل عنهم } الأصنام ، أي تلفت لهم فلم يجدوا منها نصراً وتلاشى لهم أمرها .
وقوله : { وظنوا } يحتمل أن يكون متصلاً بما قبله ويكون الوقف عليه ، ويكون قوله : { ما لهم من محيص } استئناف نفي أن يكون لهم منجى أو موضع روغان ، يقول : حاص الرجل : إذا راغ يطلب النجاة من شيء ، ومنه الحديث : فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب{[10093]} ، ويكون الظن على هذا التأويل على بابه ، أي ظنوا أن هذه المقالة : { ما منا من شهيد } منجاة لهم ، أو أمر يموهون به ، ويحتمل أن يكون الوقف في قوله : { من قبل } ، ويكون : { وظنوا } منصلاً بقوله : { ما لهم من محيص } أي ظنوا ذلك ، ويكون الظن على هذا التأويل بمعنى اليقين وبه فسر السدي ، وهذه عبارة يطلقها أهل اللسان على الظن ، ولست تجد ذلك إلا فيما علم علماً قوياً وتقرر في النفس ولم يتلبس به بعد ، وإلا فمتى تلبس بالشيء وحصل تحت إدراك الحواس فلست تجدهم يوقعون عليه لفظة الظن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.