فقال :{ صحف إبراهيم وموسى } قال عكرمة والسدي : هذه السورة في صحف إبراهيم وموسى .
أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، أنبأنا محمد بن أحمد بن معقل الميداني ، حدثنا محمد بن يحيى ، حدثنا سعيد بن كثير حدثنا يحيى بن أيوب ، عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين اللتين يوتر بعدهما ب { سبح اسم ربك الأعلى } و{ قل يا أيها الكافرون } وفي الوتر ب { قل هو الله أحد } و { قل أعوذ برب الفلق } و { قل أعوذ برب الناس } " .
وقوله : { إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى } قال الحافظ أبو بكر البزار :
حدثنا نصر بن علي ، حدثنا مُعتمر بن سليمان ، عن أبيه عن عطاء بن السائب ، عن عِكْرِمة ، عن ابن عباس قال : لما نزلت : { إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى } قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كان كل هذا - أو : كان هذا - في صحف إبراهيم وموسى " {[29986]} .
ثم قال : لا نعلم أسند الثقات عن عطاء بن السائب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس غير{[29987]} هذا ، وحديثا آخر أورده قبل هذا .
وقال النسائي : أخبرنا زكريا بن يحيى ، أخبرنا نصر بن علي ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن عطاء بن السائب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما نزلت { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى } قال : كلها في صحف إبراهيم وموسى ، فلما نزلت : { وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى } [ النجم : 37 ] قال : وفَّى { أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } [ النجم : 38 ]{[29988]} .
يعني أن هذه الآية كقوله في سورة " النجم " : { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَنْ لَيْسَ لِلإنْسَانِ إِلا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأوْفَى وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى } [ النجم : 36 - 42 ] الآيات إلى آخرهن . وهكذا قال عكرمة - فيما رواه ابن جرير ، عن ابن حميد ، عن مِهْران ، عن سفيان الثوري ، عن أبيه ، عن عكرمة - في قوله : { إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى } يقول : الآيات التي في سبح اسم ربك الأعلى .
وقال أبو العالية : قصة هذه السورة في الصحف الأولى .
واختار ابن جرير أن المراد بقوله : { إِنَّ هَذَا } إشارة إلى قوله : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى } ثم قال : { إِنَّ هَذَا } أي : مضمون هذا الكلام { لَفِي الصُّحُفِ الأولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى } {[29989]} .
وهذا اختيار حسن قوي . وقد رُوي عن قتادة وابن زيد ، نحوُه . والله أعلم .
وقرأ الجمهور «الصحُف » مضمونة الحاء ، وروى هارون عن أبي عمرو بسكون الحاء ، وهي قراءة الأعمش ، وقرأ أبو رجاء : { إبراهيم } بغير الياء ولا ألف ، وقرأ ابن الزبير «ابراهام » في كل القرآن ، وكذلك أبو موسى الأشعري ، وقرأ عبد الرحمن بن أبي بكرة «إبراهِم » بكسر الهاء وبغير ياء في جميع القرآن وروي أن { صحف إبراهيم } نزلت في أول ليلة من رمضان ، والتوراة في السادسة من رمضان والزبور في اثني عشرة منه والإنجيل في ثمان عشرة منه والقرآن في أربعة عشرة منه{[11759]} .
والمراد بالأولية في وصف الصحف سبق الزمان بالنسبة إلى القرآن لا التي لم يسبقها غيرها لأنه قد روي أن بعض الرسل قبل إبراهيم أنزلت عليه صحف فهو كوصف { عاد بالأولى } في قوله : { وأنه أهلك عاداً الأولى } [ النجم : 50 ] وقوله تعالى : { هذا نذير من النذر الأولى } [ النجم : 56 ] وفي حديث البخاري : " إنَّ مما أدرك الناسُ من كلام النبوءة الأولى إذَا لم تستح فاصنع ما شئت " .
وأخرج عبدُ بن حميد وابن مردويه وابن عساكر وأبو بكر الآجُري عن أبي ذرّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن صحف إبراهيم كانت عشر صحائف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.