{ وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين* وقال الذي نجا } من القتل ، { منهما } ، من الفتيين وهو الساقي ، { وأدكر } ، أي : تذكر قول يوسف { اذكرني عند ربك } ، { بعد أمة } ، بعد حين وهو سبع سنين . { أنا أنبئكم بتأويله } ، وذلك أن الغلام جثا بين يدي الملك ، وقال : إن في السجن رجلا يعبر الرؤيا ، { فأرسلون } وفيه اختصار تقديره : فأرسلني أيها الملك إليه ، فأرسله فأتى السجن قال ابن عباس : ولم يكن السجن في المدينة .
{ وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا } أي : من الفتيين ، وهو : الذي رأى أنه يعصر خمرا ، وهو الذي أوصاه يوسف أن يذكره عند ربه { وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ } أي : وتذكر يوسف ، وما جرى له في تعبيره لرؤياهما ، وما وصاه به ، وعلم أنه كفيل بتعبير هذه الرؤيا بعد مدة من السنين فقال : { أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ } إلى يوسف لأسأله عنها .
فأرسلوه ، فجاء إليه ، ولم يعنفه يوسف على نسيانه ، بل استمع ما يسأله عنه ، وأجابه عن ذلك فقال : { يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ }
ولما سمع الساقي - الذي نجا - هذه المقالة من الملك ومراجعة أصحابه ، تذكر يوسف وعلمه بتأويل الأحلام والرؤى ، فقال مقالته في هذه الآية .
و { ادكر } أصله ادتكر - افتعل - من الذكر ، قلبت التاء دالاً وأدغم الأول في الثاني ، ثم بدلت دالاً غير منقوطة لقوة الدال وجلدها ، وبعض العرب يقول : اذكر ؛ وقرىء { فهل من مذكر }{[9]} بالنقط و { من مدكر } [ القمر : 15 ، 17 ، 22 ، 32 ، 40 ، 51 ] على اللغتين ؛ وقرأ جمهور الناس : «بعد أمة »{[10]} وهي المدة من الدهر ، وقرأ ابن عباس وجماعة «بعد أمة » وهو النسيان ، وقرأ مجاهد وشبل بن عزرة{[11]} «بعد أمه » بسكون الميم وهو مصدر من أمه إذا نسي ، وقرأ الأشهب العقيلي «بعد إمة » بكسر الهمزة ، والإمة : النعمة والمعنى : بعد نعمة أنعمها الله على يوسف في تقريب إطلاقه وعزته . وبقوله : { ادكر } يقوي قول من يقول : إن الضمير في { أنسانيه } [ الكهف : 63 ] عائد على الساقي ، والأمر محتمل .
وقرأ الجمهور : «أنا أنبئكم » وقرأ الحسن بن أبي الحسن : «أنا آتيكم » ، وكذلك في مصحف أبي بن كعب .
وقوله : { فأرسلون } استئذان في المضي ، فقيل : كان السجن في غير مدينة الملك - قاله ابن عباس - وقيل : كان فيها{[6706]} .
قال القاضي أبو محمد : ويرسم الناس اليوم سجن يوسف في موضع على النيل بينه وبين الفسطاط ثمانية أميال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.