فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَقَالَ ٱلَّذِي نَجَا مِنۡهُمَا وَٱدَّكَرَ بَعۡدَ أُمَّةٍ أَنَا۠ أُنَبِّئُكُم بِتَأۡوِيلِهِۦ فَأَرۡسِلُونِ} (45)

{ وَقَالَ الذي نَجَا مِنْهُمَا } أي : من الغلامين ، وهو الساقي الذي قال له يوسف : { اذكرني عِندَ رَبّكَ } { وادّكر بعد أمة } بالدال المهملة على قراءة الجمهور ، وهي القراءة الفصيحة ، أي : تذكر الساقي يوسف وما شاهده منه من العلم بتعبير الرؤيا ، وقرئ بالمعجمة ، ومعنى { بَعْدَ أُمَّةٍ } : بعد حين ، ومنه { إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ } [ هود : 8 ] أي : إلى وقت . قال ابن درستويه : والأمة لا تكون على الحين إلاّ على حذف مضاف ، وإقامة المضاف إليه مقامه ، كأنه قال : والله أعلم : وادّكر بعد حين أمة أو بعد زمن أمة . والأمة : الجماعة الكثيرة من الناس . قال الأخفش : هو في اللفظ واحد وفي المعنى جمع . . وكل جنس من الحيوان أمة . وقرأ ابن عباس وعكرمة : ( بعد أمة ) بفتح الهمزة وتخفيف الميم أي : بعد نسيان ، ومنه قول الشاعر :

أمِهتُ وكنت لا أنسى حديثا *** كذاك الدهر يودي بالعقول

ويقال أمه يأمه أمها : إذا نسي . وقرأ الأشهب العقيلي { بعد إمَّة } بكسر الهمزة أي : بعد نعمة ، وهي نعمة النجاة { أَنَا أُنَبّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ } أي : أخبركم به بسؤالي عنه من له علم بتأويله ، وهو يوسف . { فَأَرْسِلُونِ } خاطب الملك بلفظ التعظيم ، أو خاطبه ومن كان عنده من الملأ ، طلب منهم أن يرسلوه إلى يوسف ليقصّ عليه رؤيا الملك حتى يخبره بتأويلها فيعود بذلك إلى الملك .

/خ49