إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَقَالَ ٱلَّذِي نَجَا مِنۡهُمَا وَٱدَّكَرَ بَعۡدَ أُمَّةٍ أَنَا۠ أُنَبِّئُكُم بِتَأۡوِيلِهِۦ فَأَرۡسِلُونِ} (45)

{ وَقَالَ الذي نَجَا مِنْهُمَا } أي من صاحبَيْ يوسف وهو الشرابي { وادّكر } بغير المعجمة وهو الفصيحُ ، وعن الحسن بالمعجمة أي تذكر يوسفَ عليه السلام وشؤونَه التي شاهدها ووصيته بتقريب رؤيا الملك وإشكال تأويلِها على الملأ { بَعْدَ أُمَّةٍ } أي مدة طويلةٍ وقرىء إمةٍ بالكسر وهي النعمةُ أي بعد ما أنعم عليه بالنجاة وأمة أي نسيان والجملةُ حالٌ من الموصول أو من ضميره في الصلة ، وقيل : معطوفةٌ على نجا وليس ذلك لأن حق كلَ من الصفة والصلةِ أن تكون معلومة الانتسابِ إلى الموصوف والموصولِ عند المخاطبِ كما عند المتكلم ، ولذلك قيل : إن الصفاتِ قبل العلم بها أخبارٌ والأخبار بعد العلم بها صفاتٌ ، وأنت تدري أن تذكّره بعد أمةٍ إنما عُلم بهذه الجملة فلا مجال لنظمه مع نجاته المعلومةِ قبلُ في سلك الصلة { أَنَاْ أُنَبّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ } أي أخبركم به بالتلقي عمن عنده علمُه لا من تلقاء نفسي ولذلك لم يقل أنا أفتيكم فيها وعقبّه بقوله : { فَأَرْسِلُونِ } أي إلى يوسفَ وإنما لم يذكُرْه ثقةً بما سبق من التذكر وما لحِق من قوله : { يُوسُفُ أَيُّهَا الصديق } .