المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{مَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَأَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّآ أُنذِرُواْ مُعۡرِضُونَ} (3)

3- ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا على نواميس ثابتة ، لغايات تقتضيها الحكمة ، وإلى أمد معين تفنى بعده ، والذين جحدوا بهذه الحقيقة معرضون عما أنذروا به من خلق جديد يوم يبعث الناس للجزاء .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{مَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَأَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّآ أُنذِرُواْ مُعۡرِضُونَ} (3)

قوله :{ حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم* ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمىً } يعني يوم القيامة ، وهو الأجل الذي تنتهي إليه السماوات والأرض ، وهو إشارة إلى فنائهما ، { والذين كفروا عما أنذروا } به في القرآن من البعث والحساب . { معرضون* }

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{مَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَأَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّآ أُنذِرُواْ مُعۡرِضُونَ} (3)

وأقام تعالى الأدلة على تلك الدار وأذاق العباد نموذجا من الثواب والعقاب العاجل ليكون أدعى لهم إلى طلب المحبوب والهرب من المرهوب ، ولهذا قال هنا : { مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقّ } أي : لا عبثا ولا سدى بل ليعرف العباد عظمة خالقهما ويستدلوا على كماله ويعلموا أن الذي خلقهما على عظمهما قادر على أن يعيد العباد بعد موتهم للجزاء وأن خلقهما وبقاءهما مقدر إلى { أَجَلٍ مُسَمًّى }

فلما أخبر بذلك -وهو أصدق القائلين وأقام الدليل وأنار السبيل أخبر -مع ذلك- أن طائفة من الخلق قد أبوا إلا إعراضا عن الحق ، وصدوفا عن دعوة الرسل فقال : { وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ } وأما الذين آمنوا فلما علموا حقيقة الحال قبلوا وصايا ربهم ، وتلقوها بالقبول والتسليم وقابلوها بالانقياد والتعظيم ففازوا بكل خير ، واندفع عنهم كل شر .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَأَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّآ أُنذِرُواْ مُعۡرِضُونَ} (3)

وخلق السماوات والأرض وما بينهما متلبس بالحق : ( ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق ) . . وبالتقدير الدقيق : ( وأجل مسمى )تتحقق فيه حكمة الله من خلقه ، ويتم فيه ما قدره له من غاية .

وكلا الكتابين مفتوح ، معروض على الأسماع والأنظار ، ينطق بقدرة الله ، ويشهد بحكمته ، ويشي بتدبيره وتقديره ، ويدل كتاب الكون على صدق الكتاب المتلو ، وما فيه من إنذار وتبشير . . ( والذين كفروا عما أنذروا معرضون ) . . وهذا هو العجب المستنكر في ظل تلك الإشارة إلى الكتاب المنزل والكتاب المنظور !

والكتاب المنزل المتلو يقرر أن الله واحد لا يتعدد ، وأنه رب كل شيء ، بما أنه خالق كل شيء ، ومدبر كل شيء ، ومقدر كل شيء . وكتاب الكون الحي ينطق بهذه الحقيقة ذاتها ؛ فنظامه وتنسيقه وتناسقه كلها تشهد بوحدانية الصانع المقدر المدبر ، الذي يصنع على علم ، ويبدع على معرفة ، وطابع الصنعة واحد في كل ما يصنع وما يبدع . فأنى يتخذ الناس آلهة من دونه ? وماذا صنع هؤلاء الآلهة وماذا أبدعوا ? وهذا هو الكون قائما معروضا على الأنظار والقلوب ؛ فماذا لهم فيه ? وأي قسم من أقسامه أنشأوه ?

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{مَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَأَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّآ أُنذِرُواْ مُعۡرِضُونَ} (3)

وقوله : ما خَلَقْنا السّمَوَاتِ والأرْضَ وَما بَيْنَهُما إلاّ بالحَقّ يقول تعالى ذكره : ما أحدثنا السموات والأرض فأوجدناهما خلقا مصنوعا ، وما بينهما من أصناف العالم إلا بالحقّ ، يعني : إلا لإقامة الحقّ والعدل في الخلق .

وقوله : وأجَلٍ مُسَمّى يقول : وإلاّ بأجل لكل ذلك معلوم عنده يفنيه إذا هو بلغه ، ويعدمه بعد أن كان موجودا بإيجاده إياه .

وقوله : وَالّذِينَ كَفَرُوا عَمّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ يقول تعالى ذكره : والذين جحدوا وحدانية الله عن إنذار الله إياهم معرضون ، لا يتعظون به ، ولا يتفكرون فيعتبرون .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{مَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَأَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّآ أُنذِرُواْ مُعۡرِضُونَ} (3)

{ ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق } إلا خلقا ملتبسا بالحق وهو ما تقتضيه الحكمة والمعدلة ، وفيه دلالة على وجود الصانع الحكيم ، والبعث للمجازاة على ما قررناه مرارا . { وأجل مسمى } وبتقدير أجل مسمى ينتهي إليه الكل وهو يوم القيامة ، أو كل واحد وهو آخر مدة بقائه المقدرة له . { والذين كفروا عما أنذروا } من هول ذلك الوقت ، ويجوز أن تكون " ما " مصدرية . { معرضون } لا يتفكرون فيه ولا يستعدون لحلوله .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{مَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَأَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّآ أُنذِرُواْ مُعۡرِضُونَ} (3)

لما كان من أهم ما جاء به القرآن إثباتُ وحدانية الله تعالى ، وإثباتُ البعث والجزاء ، لتوقف حصول فائدة الإنذار على إثباتهما ، جُعِل قوله : { تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم } [ الأحقاف : 2 ] تمهيداً للاستدلال على إثبات الوحدانية والبعث والجزاء ، فجُعل خلق السماوات والأرض محل اتفاق ، ورتب عليه أنه ما كان ذلك الخَلق إلا ملابساً للحق ، وتقتضي ملابسته للحق أنه لا يكون خلْقاً عبثاً بل هو دال على أنه يعقبه جزاء على ما يفعله المخلوقون . واستثناءُ { بالحق } من أحوال عامة ، أي ما خلقناهما إلا في حالة المصاحبة للحق .

وقوله : { والذين كفروا عما أنذروا معرضون } في موضع الحال من الضمير المقدر في متعلّق الجار والمجرور من قوله : { بالحق } ، فيكون المقصود من الحال التعجيب منهم وليس ذلك عطفاً لأن الإخبار عن الذين كفروا بالإعراض مستغنى عنه إذ هو معلوم ، والتقدير : إلا خلقاً كائناً بملابسة الحق في حال إعراض الذين كفروا عما أنذروا به مما دل عليه الخلق بالحق .

وصاحب الحال هو { السماوات والأرض } ، والمعنى : ما خلقناهما إلا في حالة ملابسة الحق لهما وتعيين أجل لهما . وإعراض الذين كفروا عما أنذروا به من آيات القرآن التي تذكرهم بما في خلق السماوات والأرض من ملابسة الحق .

وعطف { وأجل مسمى } على { بالحق } ، عطفُ الخاص على العام للاهتمام به كعطف جبريل وميكائيل على ملائكته في قوله تعالى : { وملائِكتهِ ورسله وجبريل وميكائيل } في سورة البقرة ( 98 ) لأن دلالة الحدوث على قبول الفناء دلالة عقلية فهي ممّا يقتضيه الحق ، وأن تعرض السماوات والأرض للفناء دليل على وقوع البعث لأن انعدام هذا العالم يقتضي بمقتضى الحكمة أن يخلفه عالم آخر أعظم منه ، على سنة تدرج المخلوقات في الكمال ، وقد كان ظن الدهريين قدمَ هذا العالم وبقاءَه أكبر شبهة لهم في إنكارهم البعث { وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيَا وما يُهلكنا إلا الدهر } [ الجاثية : 24 ] . فالدهر عندهم متصرف وهو باق غير فان ، فلو جوزوا فناء هذا العالم لأمكن نزولهم إلى النظر في الأدلة التي تقتضي حياة ثانية . فجملة { والذين كفروا عما أنذروا معرضون } مرتبطة بالاستثناء في قوله : { إلا بالحق } ، أي هم معرضون عما أنذروا به من وعيد يوم البعث .

وحذف العائد من الصلة لأنه ضمير منصوب ب { أنذروا } . والتقدير : عما أنذروه معرضون . ويجوز أن تكون { ما } مصدرية فلا يقدر بعدها ضمير . والتقدير عن إنذارهم معرضون فشمل كل إنذار أنذروه .

وتقديم { عما أنذروا } على متعلقه وهو { معرضون } للاهتمام بما أنذروا ويتبع ذلك رعاية الفاصلة .