تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{مَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَأَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّآ أُنذِرُواْ مُعۡرِضُونَ} (3)

الآية 3 وقوله تعالى : { ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق } /508-ب/ قوله عز وجل { إلا بالحق } أي ما خلق السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق الذي صار إنشاء ذلك وخلقُه حكمة ، لأنه لو كان الأمر على ما ظن أولئك الكفرة ، وتوهّموا بأن لا بعث ، ولا جزاء من ثواب أو عقاب كان إنشاء ما ذكر من السماوات والأرض وخلقُ ذلك كله عبثا باطلا على ما تقدّم ذكره في غير موضع ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { والذين كفروا عما أُنذروا معرِضون } [ يحتمل : { عما أُنذروا معرضون } ]{[19259]} [ وجوها :

أحدها ]{[19260]} : بما ألزمهم من النظر والتفكّر في ما ذكر من خلق السماوات والأرض وما أنشأ فيهما من المنافع ، وجعل ذلك لهم آية ، لم يفعل ذلك كله عبثا باطلا ، ولكن لعاقبة تقصد ولأمر يراد ؛ إذ عرفوا بعقولهم أنه لا يجوز خلقُ الخلق على أن يُهمَلوا ، ويُتركوا سُدى ، لا يُؤمرون ، ولا يُنهون ، ولا يُمتحنون{[19261]} ، فأعرضوا عما ألزمهم من النظر والتفكّر في ذلك ، فهم مُعرِضون إعراض ترك النظر والتّفكّر ، والله أعلم .

والثاني : بما أُنذِروا بما نزل بمن تقدّمهم من مُكذّبي الرسل عليهم السلام .

[ والثالث ]{[19262]} : بما أُنذروا ، وأوعدهم{[19263]} من العذاب في الآخرة .

فهم مُعرضون عن ذلك كله ، والله أعلم .


[19259]:من م، ساقطة من الأصل.
[19260]:في الأصل وم: وجهين أحدهما أي.
[19261]:في الأصل وم: يمتحنهم.
[19262]:في الأصل وم: والثاني.
[19263]:في الأصل وم: وأوعد لهم.