فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{مَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَأَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّآ أُنذِرُواْ مُعۡرِضُونَ} (3)

{ مَا خَلَقْنَا السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا } من المخلوقات بأسرها { إِلاَّ بالحق } هو استثناء مفرّغ من أعمّ الأحوال ، أي إلاّ خلقاً ملتبساً بالحقّ الذي تقتضيه المشيئة الإلهية ، وقوله : { وَأَجَلٌ مُّسَمًّى } معطوف على الحقّ : أي إلاّ بالحقّ ، وبأجل مسمى على تقدير مضاف محذوف : أي وبتقدير أجل مسمى ، وهذا الأجل هو يوم القيامة ، فإنها تنتهي فيه السموات والأرض وما بينهما ، وتبدّل الأرض غير الأرض والسموات . وقيل : المراد بالأجل المسمى هو انتهاء أجل كلّ فرد من أفراد المخلوقات ، والأوّل أولى ، وهذا إشارة إلى قيام الساعة ، وانقضاء مدّة الدنيا ، وأن الله لم يخلق خلقه باطلاً وعبثاً لغير شيء ، بل خلقه للثواب والعقاب . { والذين كَفَرُواْ عَمَّا أُنذِرُواْ مُعْرِضُونَ } أي عما أنذروا وخوّفوا به في القرآن من البعث والحساب والجزاء معرضون مولون غير مستعدّين له ، والجملة في محل نصب على الحال : أي والحال أنهم معرضون عنه غير مؤمنين به ، و«ما » في قوله : { مَا أَنْذِرُواْ } يجوز أن تكون الموصولة ، ويجوز أن تكون المصدرية .