ثم أخبر - سبحانه - عن نوع آخر من الخدم ، يطوفون على هؤلاء الأبرار لخدمتهم ، فقال : { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً } .
أى : ويطوف على هؤلاء الأبرار { وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ } أى : دائمون على ما هم عليه من النضارة والشباب . . إذا رأيتهم - أيها المخاطب { حَسِبْتَهُمْ } وظننتهم { لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً } أى : حسبتهم من حسنهم ، وصفاء ألوانهم ، ونضارة وجوههم . . لؤلؤا ودرا مفرقا فى جنبات المجالس وأوسطها .
فقوله - تعالى - { مُّخَلَّدُونَ } احتراس المقصود منه دفع توهم أنهم سيصيرون فى يوم من الأيام كهولا ، قالوا : وشبهوا باللؤلؤ المنثور ، لأن اللؤلؤ إذا نثر على البساط ، كان أكثر جمالا منه فيما لو كان منظوما .
هذا طواف آخر غير طواف السُقاة المذكورِ آنفاً بقوله : { ويطاف عليهم بآنية من فضة } [ الإنسان : 15 ] الخ فهذا طواف لأداء الخِدمة فيشمل طواف السقاة وغيرهم .
و { وِلْدَان } : جمع وليد وأصل وليد فعيل بمعنى مفعول ويطلق الوليد على الصبي مجازاً مشهوراً بعلاقة ما كان ، لقصد تقريب عهده بالولادة ، وأحسن من يتخذ للخدمة الوِلدان لأنهم أخف حركةً وأسرع مشياً ولأن المخدوم لا يتحرج إذا أمرهم أو نهاهم .
ووصفوا بأنهم { مخلَّدون } للاحتراس مما قد يوهمه اشتقاق { وِلدان } من أنهم يشبون ويكتهلون ، أي لا تتغير صفاتهم فهم وِلدان دَوْماً وإلاّ فإن خلود الذوات في الجنة معلوم فما كان ذكره إلاّ لأنه تخليد خاص .
وقال أبو عبيدة { مخلَّدون } : محلَّون بالخِلدَة بوزن قِرَدَة . واحدها خُلْد كقُفل وهو اسم للقُرط في لغة حِمير .
وشُبهوا باللؤلؤ المنثور تشبيهاً مقيّداً فيه المشبه بحال خاص لأنهم شبهوا به في حسن المنظر مع التفرق .
وتركيب { إذا رأيتهم حسبتهم } مفيد للتشبيه المرادِ به التشابُهُ والخطاب في { رأيتَ } [ الإنسان : 20 ] خطاب لغَير معين ، أي إذا رآه الرائِي .
والقول في معنى الطواف تقدم عند قوله تعالى : { ويُطاف عليهم بآنية من فضة } الآية [ الإنسان : 15 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.