اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{۞وَيَطُوفُ عَلَيۡهِمۡ وِلۡدَٰنٞ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيۡتَهُمۡ حَسِبۡتَهُمۡ لُؤۡلُؤٗا مَّنثُورٗا} (19)

فصل

واعلم أنه تعالى ذكر بعد ذلك من يكون خادماً في تلك المجالس . فقال { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ } وقد تقدم تفسير هذين الوصفين في سورة الواقعة والأقرب أن المراد به دوام كونهم على تلك الصورة التي لا يراد في الخدم أبلغ منها ، وذلك يتضمن دوام بحياتهم وحسنهم ومواظبتهم على الخدمة الحسنة الموافقة ، قال الفراء يقال مخلدون مسورون ويقال مقرطون ، وروى نفطويه عن ابن الأعرابي مخلدون محلون .

والصفة الثالثة : قوله تعالى { إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً } وفي كيفية التشبيه وجوه :

أحدها : شبهوا في حسنهم وصفاء ألوانهم وانتشارهم في مجالسهم ومنازلهم عند اشتغالهم بأنواع الخدمة باللؤلؤ المنثور ولو كان صفاً لشبهوا باللؤلؤ المنظوم ؛ ألا ترى أنه تعالى قال { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ } فإذا كانوا يطوفون كانوا متناثرين .

وثانيها : أنهم شبهوا باللؤلؤ الرطب إذا انتثر من صدفه لأنه أحسن وأكثر ماء .

وثالثها : قال القاضي هذا من التشبيه العجيب لأن اللؤلؤ إذا كان متفرقاً يكون أحسن في المنظر لوقوع شعاع بعضه على البعض فيكون مخالفاً للمجتمع منه .

واعلم أنه تعالى لما ذكر تفصيل أحوال أهل الجنة ، أتبعه بما يدل على أن هناك أموراً أعلى وأعظم من هذا القدر المذكور فقال { وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً } .