نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{۞وَيَطُوفُ عَلَيۡهِمۡ وِلۡدَٰنٞ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيۡتَهُمۡ حَسِبۡتَهُمۡ لُؤۡلُؤٗا مَّنثُورٗا} (19)

ولما ذكر المطوف به لأنه الغاية المقصودة ، وصف الطائف لما في طوافه من العظمة المشهودة تصويراً لما هم فيه من الملك بعد ما نجوا منه من الهلك{[70684]} : { ويطوف عليهم } أي بالشراب وغيره من الملاذ والمحاب { ولدان } أي غلمان هم في سن{[70685]} من هو دون البلوغ " أقل أهل الجنة من يخدمه{[70686]} ألف غلام " { مخلدون } أي قد حكم من لا يرد حكمه بأن يكونوا كذلك دائماً-{[70687]} من غير غلة ولا ارتفاع عن ذلك الحد مع أنهم مزينون بالخلد وهو الحلق والأساور والقرطة والملابس الحسنة { إذ رأيتهم } أي يا أعلى الخلق صلى الله عليه وسلم وأنت أثبت الناس نظراً أو{[70688]} أيها الرائي من كان في أي حالة رأيتهم فيها { حسبتهم } من بياضهم وصفاء ألوانهم ولمع أنوارهم{[70689]} وانعكاس شعاع بعضهم إلى بعض وانبثاثهم في المجالس ذهاباً وإياباً { لؤلؤاً منثوراً * } وذلك كناية عن كثرتهم وانتشارهم في الخدمة وشرفهم وحسنهم ؛ وعن بعضهم أن لؤلؤ الجنة في غاية الكبر والعظمة واختلاف الأشكال ، وكأنه عبر بالحسبان إشارة إلى أن ذلك مطلق{[70690]} تجويز لا مع ترجيح ، قال بعض المفسرين : هم غلمان ينشئهم الله لخدمة المؤمنين . وقال بعضهم : هم أطفال المشركين{[70691]} لأنهم ماتوا على الفطرة ، وقال ابن برجان : و-{[70692]} أرى والله أعلم أنهم-{[70693]} من علم الله سبحانه وتعالى إيمانه من أولاد الكفار يكونون خدماً لأهل الجنة كما كانوا لهم في الدنيا سبياً وخداماً ، وأما أولاد المؤمنين فيلحقون بآبائهم سناً وملكاً سروراً لهم ، ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلم في ابنه إبراهيم عليه الصلاة والسلام " إن له لظئراً يتم رضاعه في الجنة " فإنه يدل على استقبال شأنه فيما هنالك وتنقله في الأحوال كالدنيا ، ولا دليل على خصوصيته بذلك .


[70684]:من م: وفي الأصل و ظ: الهلاك.
[70685]:من ظ و م، وفي الأصل: سنن.
[70686]:من ظ و م، وفي الأصل: الخدمة.
[70687]:زيد من ظ و م.
[70688]:من ظ و م، وفي الأصل: لو.
[70689]:من ظ و م، وفي الأصل: أنواعهم.
[70690]:من ظ و م، وفي الأصل: مطلع.
[70691]:من ظ، وفي الأصل و م: المؤمنين.
[70692]:زيد من ظ و م.
[70693]:زيد من ظ و م.