فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞وَيَطُوفُ عَلَيۡهِمۡ وِلۡدَٰنٞ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيۡتَهُمۡ حَسِبۡتَهُمۡ لُؤۡلُؤٗا مَّنثُورٗا} (19)

ولما فرغ سبحانه من وصف شرابهم ووصف آنيته وصف السقاة الذين يسقونهم ذلك الشراب فقال : { ويطوف عليهم } بالشراب { ولدان } بكسر الواو باتفاق السبعة ّأي غلمان هم في سن من هو دون البلوغ ، قال بعض المفسرين هم غلمان ينشئهم الله تعالى لخدمة المؤمنين ، وقال بعضهم أطفال المؤمنين لأنهم ماتوا على الفطرة .

وقال ابن برحان : وأرى والله أعلم أنهم من علم الله تعالى إيمانه من أولاد الكفار ، ويكونون خدما لأهل الجنة كما كانوا في الدنيا لنا سبيا وخدما ، وأما أولاد المؤمنين فيلحقون بآبائهم تأنسا وسرورا بهم .

وفي الخازن في سورة الواقعة والصحيح الذي لا معدل عنه إن شاء الله تعالى أنهم ولدان خلقوا في الجنة لخدمة أهل الجنة كالحور ولم يولدوا ، ولم يخلقوا عن ولادة انتهى .

قلت الله أعلم بهم ، ولا أقول فيهم بشيء ظنا بشيء وتخمينا إذ لم يرد نص صريح صحيح في كتاب الله ولا في سنة رسوله فالوقف أولى وأحوط .

{ مخلدون } أي باقون على ما هم عليه من الشباب والطراوة والنضارة لا يهرمون ولا يتغيرون ، وقيل المعنى لا يموتون ، وقيل التخليد التحلية أي محلون .

{ إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا } أي إذا نظرت إليهم ظننتهم لمزيد حسنهم وصفاء ألوانهم ونضارة وجوههم ، وانبثاثهم في مجالسهم ، لؤلؤا مفرقا ، قال عطاء يريد في بياض اللون وحسنه ، واللؤلؤ إذا نثر من الخيط على البساط كان أحسن منه منظوما .

قال أهل المعاني إنما شبهوا الانتثار لأنهم في الخدمة ولو كانوا صفا لشبهوا بالمنظوم ، قيل إنما شبههم بالمنثور لأنهم سراع في الخدمة بخلاف الحور العين فإنه شبههن باللؤلؤ المكنون لأنهن لا يمتهن بالخدمة .

عن أبي عمرو قال : " إن أدنى أهل الجنة منزلا من يسعى عليه ألف خادم كل خادم على عمل ليس عليه صاحبه ، وتلا { إذا رأيتهم حسبتهم ، الخ } ، الخ " أخرجه ابن المبارك وهناد وعبد بن حميد والبيهقي في البعث .