{ في لوح محفوظ } قرأ نافع : { محفوظ } بالرفع على نعت القرآن ، فإن القرآن محفوظ من التبديل والتغيير والتحريف ، قال الله تعالى : { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون }( الحجر- 9 ) . وقرأ الآخرون بالجر على نعت اللوح ، وهو الذي يعرف باللوح المحفوظ ، وهو أم الكتاب ، ومنه وتنسخ الكتب ، محفوظ من الشياطين ، ومن الزيادة فيه والنقصان .
أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أنبأنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أنبأنا الحسين بن أحمد بن فنجويه ، أنبأنا مخلد بن جعفر ، حدثنا الحسن بن علوية ، أنبأنا إسماعيل بن عيسى ، حدثنا إسحاق بن بشر ، أخبرني مقاتل وابن جريج ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : إن في صدر اللوح : لا إله إلا الله وحده ودينه الإسلام ، ومحمد عبده ورسوله ، فمن آمن بالله عز وجل وصدق بوعده واتبع رسله أدخله الجنة ، قال : واللوح لوح من درة بيضاء ، طوله ما بين السماء والأرض ، وعرضه ما بين المشرق إلى المغرب ، وحافتاه الدر والياقوت ، ودفتاه ياقوتة حمراء ، وقلمه نور ، وكلامه قديم ، وكل شيء فيه مستور ، وقيل : أعلاه معقود بالعرش ، وأصله في حجر ملك . قال مقاتل : اللوح المحفوظ عن يمين العرش .
وقوله - سبحانه - : { بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ . فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ } إضراب انتقالى آخر ، من بيان شدة تكذيبهم للحق ، إلى بيان القرآن الكريم هو كتاب الله الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
أى : ليس الأمر كما قال هؤلاء المشركون فى القرآن من أنه أساطير الأولين . . بل الحق أن هذا القرآن هو كلام الله - تعالى - البالغ النهاية فى الشرف والرفعة والعظمة .
وأنه كائن فى لوح محفوظ من التغيير والتبديل ، ومن وصول الشياطين إليه . ونحن نؤمن بأن القرآن الكريم كائن فى لوح محفوظ ، إلا أننا نفوض معرفة حقيقة هذا اللوح وكيفيته إلى علمه - تعالى - ، لأنه من أمر الغيب الذى تفرد الله - تعالى - بعلمه . . وما قيل فى وصف هذا اللوح لم يرد به حديث صحيح يعتمد عليه .
وهو في لوح محفوظ . لا ندرك نحن طبيعته ، لأنه من أمر الغيب الذي تفرد الله بعلمه . إنما ننتفع نحن بالظل الذي يلقيه التعبير ، والإيحاء الذي يتركه في القلوب . وهو أن هذا القرآن مصون ثابت ، قوله هو المرجع الأخير ، في كل ما يتناوله من الأمور . يذهب كل قول ، وقوله هو المرعي المحفوظ . .
ولقد قال القرآن قوله في حادث الأخدود ، وفي الحقيقة التي وراءه . . وهو القول الأخير . .
{ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ } أي : هو في الملأ الأعلى محفوظ من الزيادة والنقص والتحريف والتبديل .
قال ابن جرير : حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا قُرَّة بن سليمان ، حدثنا حرب بن سُرَيج{[29939]} حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك في قوله : { بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ } قال : إن اللوح المحفوظ الذي ذكر الله : { بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ } في جبهة إسرافيل{[29940]} .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو صالح ، حدثنا معاوية بن صالح : أن أبا الأعْيَس - هو عبد الرحمن بن سَلْمَان - قال : ما من شيء قضى الله - القرآن فما قبله وما بعده - إلا وهو في اللوح المحفوظ . واللوح المحفوظ بين عيني إسرافيل ، لا يؤذن له بالنظر فيه .
وقال الحسن البصري : إن هذا القرآن المجيد عند الله في لوح محفوظ ، ينزل منه ما يشاء على من يشاء من خلقه .
وقد روى البغوي من طريق إسحاق بن بشر{[29941]} أخبرني مقاتل وابن جريج ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : إنه في صدر اللوح لا إله إلا الله وحده ، دينه الإسلام ، ومحمد عبده ورسوله ، فمن آمن بالله وصدق بوعده واتبع رسله ، أدخله الجنة . قال : واللوح لوح من درة بيضاء ، طوله ما بين السماء والأرض ، وعرضه ما بين المشرق والمغرب ، وحافتاه الدر والياقوت ، ودفتاه ياقوتة حمراء ، وقلمه نور ، وكلامه معقود بالعرش ، وأصله في حجر ملك{[29942]} .
قال مقاتل : اللوح المحفوظ عن يمين العرش .
وقال الطبراني : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا منجاب بن الحارث ، حدثنا إبراهيم بن يوسف ، حدثنا زياد بن عبد الله ، عن ليث ، عن عبد الملك بن سعيد بن جبير ، عن أبيه ، عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله خلق لوحًا محفوظًا من دُرَّة بيضاء ، صفحاتها من ياقوتة حمراء ، قَلَمه نور وكتابه نور ، لله فيه كل يوم ستون وثلاثمائة لحظة ، يخلق ويرزق ، ويميت ويحيي ، ويُعِزُّ ويُذِلُّ ، ويفعل ما يشاء " {[29943]} .
آخر تفسير سورة " البروج " ولله الحمد{[29944]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.