تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فِي لَوۡحٖ مَّحۡفُوظِۭ} (22)

الآية 22 : وقوله تعالى : ]{[23441]} { في لوح محفوظ } فمنهم من حقق اللوح والقلم ، وقد وصفه أهل التفسير ، ومنهم من جعل اللوح عبارة عما يلوح أي يظهر للمالك من الأمر لا على تحقيق اللوح .

وسمت الباطنية القلم المبدع الأول [ واللوح المبدع الثاني ، وجعلوا المبدع الأول ]{[23442]} علة كون المبدع الثاني ، وزعموا أن المبدع الأول بذل له إنشاء المبدع الثاني . فهو المنشئ له . وسمت المبدع الأول باريا والمبدع الثاني خالقا رحمان .

وسمت الفلاسفة المبدع الأول عقلا والثاني نفسا ، ثم حدث التوالد من الأنفس .

فأما جعلهم الأول أصلا وعلة ليسووا{[23443]} ما ذكروا ، فذلك يحتمل أن يجعل الأول أصلا للثاني وعلة كما استقام أن تجعل النطفة أصلا لخلق البشر . ولكنه لا يجوز أن يسمى بواحد من الاسمين اللذين ذكرتهما الباطنية والفلاسفة لأنه لا يجوز إنشاء الأسماء لهذه الأشياء اختراعا ، أو{[23444]} تسميتها [ بما جاءت التسمية من غير الحجة ، وإنما جاءت ]{[23445]} التسمية من عند الحجة باللوح والقلم ، فلا تسميهما بغيرهما .

وقوله تعالى : { محفوظ } أي [ من ]{[23446]} أعدائه ، فلا يتمكنون من تغييره وتبديله . وأخبر أنه أنزله إليه على يدي رسول قوي ، فلا يقدر أحد أن يغلبه ، فيحرف ما فيه ، ووصفه بالأمانة في نفسه بقوله تعالى : { ذي قوة } إلى قوله عز وجل : { أمين } [ التكوير : 20 و21 ] ليؤمن تغييره بنفسه ، والله الهادي للعباد والموفق للرشاد [ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ]{[23447]} .


[23441]:ساقطة من م.
[23442]:من م، ساقطة من الأصل.
[23443]:في الأصل وم: ليسوا.
[23444]:في الأصل وم: بل.
[23445]:من نسخة الحرم المكي.
[23446]:في م: ساقطة من الأصل.
[23447]:من م، ساقطة من الأصل.