قوله تعالى : { ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر* كذبت قوم لوط بالنذر* إنا أرسلنا عليهم حاصباً } ريحاً ترميهم بالحصباء ، وهي الحصا وقال الضحاك : يعني صغار الحصى . وقيل : الحصباء هي الحجر الذي دون ملء الكف ، وقد يكون الحاصب الرامي ، فيكون المعنى على هذا : أرسلنا عليهم عذاباً يحصبهم يعني : يرميهم بالحجارة ، ثم استثنى فقال : { إلا آل لوط } يعني لوطاً وابنتيه ، { نجيناهم } من العذاب .
فكانت نتيجة هذا التكذيب والفجور الذى انغمسوا فيه الهلاك والدمار كما قال - تعالى - : { إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً . . } .
والحاصب : الريح التى تحصب ، أى : ترمى بالحصباء ، وهى الحجارة الصغيرة التى تهلك من تصيبه بأمر الله - تعالى - .
فقوله : { حَاصِباً } صفة لموصوف محذوف وهو الريح ، وجىء به مذكرا لكونه موصوفه وهو الريح فى تأويل العذاب ، أى : إنا أرسلنا إليهم عذابا حاصبا أهلكهم . .
والاستثناء فى قوله - سبحانه - : { إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ } استثناء متصل ، لأنهم من قومه . والسحر : هو الوقت الذى يختلط فيه سواد آخر الليل ، ببياض أول النهار وهو قبيل مطلع الفجر بقليل .
أى : إنا أرسلنا عليهم ريحا شديدة ترميهم بالحصباء فتهلكهم ، إلا آل لوط ، وهم من آمن به من قومه ، فقد نجيناهم من هذا العذاب المهلك فى وقت السحر ، فالباء فى قوله { بِسَحَرٍ } بمعنى " فى " الظرفية . أو هى للملابسة ، أى : حال كونهم متلبسين بسحر .
ولهذا أهلكهم الله هلاكا لم يُهلكه أمةً من الأمم ، فإنه تعالى أمر جبريل ، عليه السلام ، فحمل مدائنهم حتى وصل بها إلى عَنَان السماء ، ثم قلبها عليهم وأرسلها ، وأتبعت بحجارة من سجيل منضود ، ولهذا قال هاهنا . { إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا } وهي : الحجارة ، { إِلا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ } أي : خرجوا من آخر الليل فنجوا مما أصاب قومهم ، ولم يؤمن بلوط من قومه أحد ولا رجل واحد حتى ولا امرأته ، أصابها ما أصاب قومها ، وخرج نبي الله لوط وبنات له من بين أظهرهم سالما لم يمسَسْه سوء ؛
ولهذا قال تعالى : { كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ . وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا }
والحاصب : السحاب الرامي بالبرد وغيره ، وشبه تلك الحجارة التي رمى بها قوم لوط به بالكثرة والتوالي ، وهو مأخوذ من الحصباء ، كان السحاب يحصب مقصده ، ومنه قول الفرزدق : [ البسيط ]
مستقبلين شمال الشام تحصبهم . . . بحاصب كنديف القطن منشور{[10787]}
وقال ابن المسيب : سمعت عمر بن الخطاب يقول لأهل المدينة : مصروف ، لأنه نكرة لم يرد به يوم بعينه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.