{ ياويلتى } أى : ثم يقول هذا الظالم يا هلاكى أقبل فهذا أوان إقبالك ، فهذه الكلمة تستعمل عند وقوع داهية دهياء لا نجاة منها ، وكأن المتحسر ينادى ويلته ويطلب حضورها بعد تنزيلها منزلة من يفهم نداءه .
{ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً } أى : ليتنى لم أتخذ فلانا الذى أضلني فى الدنيا صديقا وخليلا لي . والمراد بفلان : كل من أضل غيره وصرفه عن طريق الحق ، ويدخل فى ذلك دخولا أوليا أبي بن خلف .
وقوله " يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ اتّخِذْ فُلانا خَلِيلاً " اختلف أهل التأويل في المعنيّ بقوله : فُلاَنا ، فقال بعضهم : عني بالظالم : عقبة بن أبي مُعَيط ، لأنه ارتدّ بعد إسلامه ، طلبا لرضا أُبيّ بن خلف ، وقالوا : فلان هو أُبيّ . ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثني الحسين ، قال : ثني حجاج عن ابن جُرَيج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس قال : كان أبيّ بن خلف يحضر النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فزجره عقبة بن أبي معيط ، فنزل : " وَيَوْمَ يَعَضّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتّخَذْتُ مَعَ الرّسُولِ سَبِيلاً . . . إلى قوله خَذُولاً " قال : الظالم : عقبة ، وفلانا خليلاً : أُبيّ بن خلف .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن الشعبيّ في قوله : لَيْتَنِي لَمْ أتّخِذْ فُلانا خَلِيلاً قال : كان عقبة بن أبي معيط خليلاً لأمية بن خلف ، فأسلم عقبة ، فقال أمية : وجهي من وجهك حرام إن تابعتَ محمدا ، فكفر وهو الذي قال : لَيْتَنِي لَمْ أتّخِذْ فُلانا خَلِيلاً .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر عن قَتادة وعثمان الجزري ، عن مقسم في قوله : وَيَوْمَ يَعَضّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُول يا لَيْتَنِي اتّخَذْتُ مَعَ الرّسُول سَبِيلاً قال : اجتمع عقبة بن أبي معيط وأبيّ بن خلف ، وكانا خليلين ، فقال أحدهما لصاحبه : بلغني أنك أتيت محمدا فاستمعت منه ، والله لا أرضى عنك حتى تتفل في وجهه وتكذّبه ، فلم يسلطه الله على ذلك ، فقتل عقبة يوم بدر صبرا . وأما أُبيّ بن خلف فقتله النبيّ صلى الله عليه وسلم بيده يوم أُحد في القتال ، وهما اللذان أنزل الله فيهما : " وَيَوْمَ يَعَضّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتّخَذْتُ مَعَ الرّسُولِ سَبيلاً " .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، وَيَوْمَ يَعَضّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ . . . إلى قوله : فُلانا خَلِيلاً قال : هو أُبيّ بن خلف ، كان يحضر النبي صلى الله عليه وسلم ، فزجره عقبة بن أبي معيط .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " وَيَوْمَ يَعَضّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ " قال عقبة بن أبي معيط : دعا مجلسا فيهم النبيّ صلى الله عليه وسلم لطعام ، فأبى النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يأكل ، وقال : «لا آكُل حتى تَشْهَدَ أنْ لا إلهَ إلا اللّهُ ، وأنّ مُحَمّدا رَسُولُ الله » ، فقال : ما أنت بآكل حتى أشهد ؟ قال : «نعم » ، قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله . فلقيه أُمية بن خلف فقال : صبوت : فقال : إن أخاك على ما تعلم ، ولكني صنعت طعاما فأبى أن يأكل حتى أقول ذلك ، فقلته ، وليس من نفسي .
وقال آخرون : عني بفلان : الشيطان . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : فُلانا خَلِيلاً قال : الشيطان .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، مثله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.