فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَٰوَيۡلَتَىٰ لَيۡتَنِي لَمۡ أَتَّخِذۡ فُلَانًا خَلِيلٗا} (28)

{ يَا وَيْلَتَى } وقرء يا ويلي ، بالياء الصريحة . وقرئ بالإمالة ، وتركها أحسن .

{ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا } دعا على نفسه بالويل والثبور وعلى مخاللة الكافر ، الذي أضله في الدنيا ، وفلان كناية عن الأعلام . قال النيسابوري : زعم بعض أئمة اللغة أنه لم يثبت استعمال فلان في الفصيح إلا حكاية . لا يقال جاءني فلان ، ولكن يقال : قال زيد جاءني فلان ، لأنه اسم اللفظ الذي هو علم الاسم ، وكذلك جاء في كلام الله وقيل فلان كناية عن علم ذكور من يعقل ، وفلانة عن علم إناثهم ، وهو منصرف .

وقيل كناية عن نكرة من يعقل من الذكور ، وفلانة عمن يعقل من الإناث ، وأما الفلان والفلانة بالألف واللام فكناية عن غير العقلاء . وفل يختص بالنداء إلا في ضرورة الشعر ، وليس فل مرخما من فلان خلافا للفراء ، وزعم أبو حيان أن ابن عصفور وابن مالك وَهِما في جعل فلان كناية علم من يعقل ، وفي لامه وجهان ، أحدهما : أنها واو . والثاني : أنها ياء ، وحكم الآية عام في كل خليلين ومتحابين ، اجتمعا على معصية الله عز وجل . وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " يحشر المرء على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل " أخرجه أبو داوود والترمذي{[1319]} ولهما عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " لا تصاحب إلا مؤمنا . ولا يأكل طعامك إلا تقي " وروى الشيخان عن أبي{[1320]} موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : " مثل الجليس الصالح ، وجليس السوء ، كحامل المسك ، ونافخ الكير ، فحامل المسك إما أن يحذيك ، وإما أن تبتاع منه ، وإما أن تجد منه ريحا طيبة ، ونافح الكير إما يحرق ثيابك ، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة " {[1321]}


[1319]:الترمذي كتاب الزهد باب 25.
[1320]:الإمام أحمد 3/38 ـ الدارمي كتاب الأطعمة باب 23.
[1321]:مسلم 2628 ـ البخاري 1064.