إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَٰوَيۡلَتَىٰ لَيۡتَنِي لَمۡ أَتَّخِذۡ فُلَانًا خَلِيلٗا} (28)

{ يا ويلتا } بقلب ياءِ المتكلِّمِ ألفاً كما في صحارى ومدارى . وقُرئ على الأصلِ يا ويلتي أي هَلَكتي تعالَيْ واحضري فهذا أوانُكِ { لَيْتَنِى لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً } يريدُ مَن أضلَّه في الدُّنيا فإنَّ فُلانا كنايةٌ عن الأعلامِ كما أن الهَنَ كنايةُ عن الأجناسِ . وقيل فُلانٌ كنايةٌ عن علَم ذكورِ مَن يعقلُ ، وفُلانةٌ عن علَم إناثِهم . وفل كنايةٌ عن نكرةِ مَن يعقلُ من الذكور ، وفُلة عمَّن يعقلُ من الإناثِ ، والفُلانُ والفُلانةُ من غير العاقلِ ويختصُّ فُل بالنِّداءِ إلاَّ في ضرورةٍ كما في قوله : [ الرجز ]

في لُجَّةٍ أَمْسِكْ فُلاناً عن فُلِ{[593]} *** . . . .

وقوله :

خُذَا حدِّثاني عن فُلٍ وفُلانِ *** . . . .

وليس فُل مرخَّماً من فُلان خلافاً للفرَّاء ، واختلفُوا في لامِ فُل وفُلان فقيلَ واوٌ ، وقيل ياءٌ ، هذا فإنْ أرُيدَ بالظَّالم عقبةُ ففُلان كنايةٌ عن أَبيَ ، وإنْ أُريدَ بهِ الجنسُ فهوُ كنايةٌ عن علَمِ كلِّ مَن يضلُّه كائناً مَن كان من شياطينِ الإنس والجنِّ وهذا التَّمنِّي منه وإنْ كان مسُوقاً لإبراز النَّدمِ والحسرةِ لكنَّه متضمنٌ لنوعِ تعللٍ واعتذارٍ بتوريك جنايتِه إلى الغيرِ .


[593]:وهو لأبي النجم في جمهرة اللغة (ص 407)؛ وخزانة الأدب (2 / 389)؛ والدرر (3/ 137)؛ وسمط اللآلي (ص 257)؛ وشرح أبيات سيبويه (1 / 439)؛ ولسان العرب (2 / 355) (لجج) (13/ 324، 325) (فلن)؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك (4 / 43) وشرح المفصل (1 / 48)؛ وشرح ابن عقيل (ص 527).