اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{يَٰوَيۡلَتَىٰ لَيۡتَنِي لَمۡ أَتَّخِذۡ فُلَانًا خَلِيلٗا} (28)

قوله : «يَا وَيْلَتَى » . قرأ الحسن «يَا وَيْلَتِي » بكسر التاء وياء صريحة بعدها ، وهي الأصل{[35985]} . وقرأ الدَّوْرِيُّ{[35986]} بالإمالة{[35987]} .

قال أبو علي : وترك الإمالة أحسن ، لأن أصل هذه اللفظة الياء فبدلت الكسرة فتحة والياء ألفاً فراراً من الياء ، فَمَنْ أَمَالَ رجع إلى الذي منه فَرَّ أولاً{[35988]} . وهذا منقوض بنحو ( بَاعَ ) فإن أصله الياء ، ومع ذلك أمالوا ، وقد أمالوا { يا حسرتا على مَا فَرَّطَتُ } [ الزمر : 56 ] و «يَا أَسَفَى »{[35989]} وهما ك ( ياء ) «وَيْلَتِي » في كون ألفهما عن ياء المتكلم .

و «فُلاَن » كناية عن عَلَمِ من يعقل ، وهو متصرف . و «فُلُ »{[35990]} كناية عن نكرة مَنْ يعقل من الذكور ، و «فُلَةُ »{[35991]} عن مَنْ يعقل من الإناث . والفُلاَنُ والفُلاَنةُ بالألف عن{[35992]} غير العاقل ، ويختص ( فُلُ ) ، و ( فُلَةُ ) بالنداء{[35993]} إلاَّ في ضرورة كقوله :

فِي لَجَّةٍ أَمْسِكْ فُلاَناً عَنْ فُلِ{[35994]} *** . . .

وليس ( فُلُ ) مرخماً من ( فلان ) خلافاً للفراء{[35995]} . وزعم أبو حيان أنَّ ابن عصفور{[35996]} وابن مالك{[35997]} ، وابن العلج{[35998]} وهموا في جعلهم ( فُلُ ) كناية عن عَلَمِ مَنْ يعقل ( فلان ){[35999]} . ولام ( فُلُ ) و ( فُلاَنُ ) فيها وجهان :

أحدهما : أنها واو .

والثاني : أنها ياء{[36000]} .

فصل

تقدم الكلام في «يَا وَيْلَتَى » في هود{[36001]} . { لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً } يعني أبيّ بن خلف .


[35985]:المختصر (104)، الإتحاف (329).
[35986]:هو حفص بن عمر بن عبد العزيز أبو عمرو الدوري الأزدي البغدادي النحوي الضرير، إمام القراءة وشيخ الناس في زمانه، أول من جمع القراءات وقرأ بسائر الحروف السبعة، وبالشواذ، وسمع من ذلك شيئا كثيرا، مات سنة 246 هـ. طبقات القراء 1/255-257.
[35987]:الإتحاف (329).
[35988]:انظر الحجة لأبي علي 6/20.
[35989]:من قوله تعالى: {وقال يا أسفي على يوسف} [يوسف: 48].
[35990]:في ب: وقيل. وهو تحريف.
[35991]:في ب: وقيل. وهو تحريف.
[35992]:في ب: من. وهو تحريف.
[35993]:انظر اللسان (فلن).
[35994]:رجز قاله أبو النجم. تقدم تخريجه.
[35995]:هذا القول منسوب للكوفيين. انظر شرح التصريح 2/180، الهمع 1/177، ونسبه إلى الفراء أبو حيان في البحر المحيط 6/496.
[35996]:قال ابن عصفور: (وقد اختصت العرب بعض الأسماء بالنداء وهو أبت، وأمت واللهم، وفل، وهو كناية عن العلم) المقرب (199).
[35997]:قال ابن مالك: (فمن ذلك قولهم للرجل: يا فل- بمعنى يا فلان – وللمرأة يا فلة – بمعنى يا فلانة) شرح الكافية الشافية 3/1329.
[35998]:انظر شرح التصريح 2/179.
[35999]:انظر البحر المحيط 6/496.
[36000]:قال صاحب اللسان: (وروي عن الخليل أنه قال: فلان نقصانه ياء أو واو من آخره، والنون زائدة، لأنك تقول في تصغيره: فليان، فيرجع إليه ما نقص وسقط منه، ولو كان فلان مثل دخان لكان تصغيره فلين مثل دخين، ولكنهم زادوا ألفا ونونا على فل) اللسان (فلن). ويرى سيبويه أن لام (فل وفلان) نون فإنه قال: (ومن ذلك فل، تقول: فلين. وقولهم: فلان دليل على أن ما ذهب لام وأنها نون. وفلان معناهما واحد) الكتاب 3/452.
[36001]:عند قوله تعالى: {قالت يا ويلتي أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا} [هود: 72].