إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الذي يتولاني فيجلب لي المنافع ويدفع عني المضار .
الَّذِي نزلَ الْكِتَابَ الذي فيه الهدى والشفاء والنور ، وهو من توليته وتربيته لعباده الخاصة الدينية .
وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ الذين صلحت نياتهم وأعمالهم وأقوالهم ، كما قال تعالى : اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ فالمؤمنون الصالحون - لما تولوا ربهم بالإيمان والتقوى ، ولم يتولوا غيره ممن لا ينفع ولا يضر - تولاهم اللّه ولطف بهم وأعانهم على ما فيه الخير والمصلحة لهم ، في دينهم ودنياهم ، ودفع عنهم بإيمانهم كل مكروه ، كما قال تعالى : إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا .
ثم بين لهم الأسباب التي دعه إلى تحديهم وتبكيتهم فقال { إِنَّ وَلِيِّيَ الله الذي نَزَّلَ الكتاب وَهُوَ يَتَوَلَّى الصالحين } .
أى : قل يا محمد لهؤلاء الضالين إننى ما تحديتكم وطلبت كيدكم وكيد أصنامكم - إن كنتم أنتم وهم تقدرون على ذلك على سبيل الفرض - إلا لأنى معتز بالله وحده ، فهو ناصرى ومتولى أمرى ، وهو الذي نزل هذا القرآن لأخرجكم به من الظلمات إلى النور ، وقد جرت سنته - سبحانه - أن يتولى الصالحين وأن يجعل العاقبة لهم .
قال الحسن البصرى : إن المشركين كانوا يخوفون الرسول صلى الله عليه وسلم بآلهتهم فقال - تعالى - { قُلِ ادعوا شُرَكَآءَكُمْ } الآية - ليظهر لكم أنه لا قدرة لها على إيصال المضار إلى بوجه من الوجوه . وهذا كما قال هود - عليه السلام - لقومه رداً على قولهم . { إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بسواء قَالَ إني أُشْهِدُ الله واشهدوا أَنِّي برياء مِّمَّا تُشْرِكُونَ مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ }
القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ وَلِيّيَ اللّهُ الّذِي نَزّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلّى الصّالِحِينَ } . .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد للمشركين من عبدة الأوثان : إنّ ولي نصيري ومعيني وظهيري عليكم الله الذي نزّل الكتاب عليّ بالحقّ ، وهو الذي يتولى من صلح عمله بطاعته من خلقه .
وقوله تعالى : { إن وليي الله } الآية ، أحالهم على الاستنجاد بآلهتهم في ضره وأراهم أن الله هو القادر على كل شيء لا تلك ، عقب ذلك بالإسناد إلى الله والتوكل عليه بأنه وليه وناصره ، وقرأ جمهور الناس والقرأة «إن وليِّيَ الله » بياء مكسورة مشددة وأخرى مفتوحة ، وقرأ أبو عمرو فيما روي عنه «إن وليّ اللَّهُ » بياء واحدة مشددة ورفع الله ، وقال أبو علي لا تخلو هذه القراءة من أن تدغم الياء التي هي لام الفعل في ياء الإضافة أو تحذف الياء التي هي لام الفعل وتدغم ياء فعيل في ياء الإضافة ، ولا يجوز أن تدغم الياء التي هي لام الفعل في ياء الإضافة لأنه إذا فعل ذلك انفك الإدغام الأول ، فليس إلا أنه حذف لام الفعل وأدغم ياء فعيل في ياء الإضافة ، وقرأ ابن مسعود «الذي نزل الكتاب بالحق وهو يتولى الصالحين » ، وقرأ الجحدري فيما ذكر أبو عمرو الداني «أن ولي إله » على الإضافة وفسر ذلك بأن المراد جبريل صلى الله عليه وسلم ، ذكر القراءة غير منسوبة أبو حاتم وضعفها وإن كانت الفاظ هذه الآية تلائم هذا المعنى وتصلح له ، فإن ما قبلها وما بعدها يدافع ذلك .
هذا من المأمور بقوله ، وفصلت هذه الجملة عن جملة { ادعوا شركاءكم } [ الأعراف : 195 ] لوقوعها موقع العلة لمضمون التحدي في قوله { ادعوا شركاءكم } [ الأعراف : 195 ] الآية الذي هو تحقق عجزهم عن كيده ، فهذا تعليل لعدم الاكتراث بتألبهم عليه واستنصارهم بشركائهم ، ولثقته بأنه منتصر عليهم بما دل عليه الأمر والنهي التعجيزيان . والتأكيد لرد الإنكار .
والولي الناصر والكافي ، وقد تقدم عند قوله تعالى : { قل أغير الله أتخذ ولياً } [ الأنعام : 14 ] .
وإجراء الصفة لاسم الله بالموصولية لما تدل عليه الصلة من علاقات الولاية ، فإن إنزال الكتاب عليه وهو أميٌّ دليل اصطفائه وتوليه .
والتعريف في الكتاب للعهد ، أي الكتاب الذي عهدتموه وسمعتموه وعجزتم عن معارضته وهو القرآن ، أي المقدار الذي نزل منه إلى حد نزول هذه الآية .
وجملة : { وهو يتولى الصالحين } معترضة والواو اعتراضيه .
ومجيء المسند فعلاً مضارعاً لقصد الدلالة على استمرار هذا التولي وتجدده وأنه سنّة إلهية ، فكما تولى النبي يتولى المؤمنين أيضاً ، وهذه بشارة للمسلمين المستقيمين على صراط نبيهم صلى الله عليه وسلم بأن ينصرهم الله كما نصر نبيه وأولياءهُ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.