83- فرجع بقية الأبناء إلى يعقوب ، وخبَّروه كما وصَّاهم أخوهم الكبير فَهَيَّج الخبر أحزانه ، وضاعف منها فقد ابنه الثاني ، ولم تطب نفسه ببراءتهم من التسبب في ضياعه وهو المفجوع بما صنعوا من قبل في يوسف ، وصرح باتهامهم قائلا لهم : ما سلمت نيتكم في المحافظة على ابني ، ولكن زينت لكم نفوسكم أن تخلصتم منه مثلما تخلصتم من أخيه ، فلولا فتواكم وحكمكم أن يؤخذ السارق رقيقاً عقوبة له على السرقة ، ما أخذ العزيز ابني ، ولا تخلف أخوكم الكبير بمصر ، ولا حيلة لي إلا أن أتجمل في مصيبتي بالعزاء الحميد ، راجياً أن يرد الله على جميع أبنائي ، فهو صاحب العلم المحيط بحالي وحالهم ، وله الحكمة البالغة ، فيما يصنع لي ويُدبِّر .
قوله تعالى : { قال بل سولت لكم } ، زينت ، { أنفسكم أمراً } ، وفيه اختصار معناه : فرجعوا إلى أبيهم وذكروا لأبيهم ما قال كبيرهم ، فقال يعقوب : { بل سولت لكم أنفسكم أمراً } ، أي : حمل أخيكم إلى مصر لطلب نفع عاجل .
قوله تعالى : { فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعاً } ، يعني : يوسف ، وبنيامين ، وأخاهم المقيم بمصر { إنه هو العليم } ، بحزني ووجدي على فقدهم { الحكيم } في تدبير خلقه .
فلما رجعوا إلى أبيهم وأخبروه بهذا الخبر ، اشتد حزنه وتضاعف كمده ، واتهمهم أيضا في هذه القضية ، كما اتهمهم في الأولى ، و { قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } أي : ألجأ في ذلك إلى الصبر الجميل ، الذي لا يصحبه تسخط ولا جزع ، ولا شكوى للخلق ، ثم لجأ إلى حصول الفرج لما رأى أن الأمر اشتد ، والكربة انتهت فقال : { عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا } أي : يوسف و " بنيامين " وأخوهم الكبير الذي أقام في مصر .
{ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ } الذي يعلم حالي ، واحتياجي إلى تفريجه ومنَّته ، واضطراري إلى إحسانه ، { الْحَكِيمُ } الذي جعل لكل شيء قدرا ، ولكل أمر منتهى ، بحسب ما اقتضته حكمته الربانية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.